علي أحمد البغلي 

مفاجأة عام 2017 أعلنتها صحيفة الايكونومست البريطانية الشهيرة التي رشحت دولة بنغلادش الصديقة لجائزة أفضل دولة لعام 2017!.. وستصدم عزيزي القارئ الكويتي والوافد عندما تعرف الأساس الذي بُني عليه ذلك الترشيح.. والأساس هو إنساني بحت والحمد لله، فعلى الرغم من ظروف بنغلادش الاقتصادية الأكثر من صعبة.. فقد استقبلت أكثر من 600 ألف لاجئ، شردتهم مجازر ميانمار المجاورة!.. بنغلادش في ذلك الوقت تفوقت على دول فاحشة الثراء بالنسبة لها استقبلت النازحين من جهات النزاع الذي يعج به العالم، وبالأخص منطقتنا العربية المنكوبة بما يسمى ثورات أو بلاوي الربيع العربي، وهذه الدول التي استقبلت النازحين بأرقام كبيرة هي: ألمانيا وتركيا ولبنان والأردن وايطاليا أيضاً.


وقد ترك العالم أجمع (بما فيه دولنا العربية والإسلامية الغنية) نظام ميانمار يبطش بمواطنيه المسلمين، وهو – أي العالم – يتفرج ولا يتمكن حتى من الحد من تداعيات ومضاعفات ذلك النزاع العرقي، لتقوم بدوره دولةٌ من أفقر دول الكون، التي تستحق وبحق الإشادة والإعجاب، وهذه رسالة إلى إخوتنا المواطنين الكرام، الذين رفعوا من أصواتهم فجأة ومن دون سابق إنذار بتحميل كل بلاوينا على إخوتنا بالإنسانية الوافدين.. الذين وفدوا بطلب واحتياج منا حكومة وشعباً.. ولم يهبطوا علينا بالباراشوت، ولم تقذفهم علينا حروب أهلية أو اضطهادات عرقية.. إننا لا نود أن نكسر مجاديف أحد من الحكومة أو الشعب بتعديل التركيبة السكانية، التي يجب أن تتم بشكل مدروس ومتدرج وإنساني لا يمس بمشاعر البشر الذين يشاركوننا العيش في هذا البلد من أجل رفاهنا وراحتنا.. أما من لا عمل له وجاء عن طريق غير قانوني ومشبوه، فأول من المفترض أن يُحاسب عنه هم إخواننا المواطنون، الذين شاركوا بتلك المخالفة، مقابل مبالغ ومزايا مادية بالآلاف وليست لسواد أعينهم.
***
الدولة الأخرى التي حازت أيضاً لقب «دولة العام» لعام 2017 هي كوريا الجنوبية، وذلك بسبب ما جرى فيها من انجازات لمكافحة الفساد، أذهلت العالم كله!.. السلطات والمحاكم هناك أصدرت حكماً على أكبر رأس سياسي بتلك الدولة المثالية وهو رئيس الجمهورية الذي أودع السجن بسبب إدانته بتهم فساد! ولم يقتصر الأمر على سياسي فاز بانتخابات حرة ونزيهة بذلك اللقب (رئيس الجمهورية)، ولربما ساهم منافسوه في اتهامه وإدانته للتخلص منه! بل إن الأمر تجاوز ذلك لصدور حكم بالسجن على رئيس أكبر شركة هناك وغيرها بتهم فساد.
ونحن لا نملك إلا أن نهز رؤوسنا إعجاباً بتلك الدولة وأسى على أحوالنا، حيث بلغ الفساد مدى غير مسبوق من دون رادع من أخلاق أو قانون.. فأصبحنا نرى ونسمع عن قصص الفساد التي تروى لنا من ضحاياها وأبطالها، أو يقبض على أبطالها بالجرم المشهود.. لكن من دون أي بادرة للردع أو لإيقاف مسلسل الفساد الذي يبدو بلا نهاية.. وبالتالي فمن المفترض بنا إذا سمعنا عن دول مثل كوريا الجنوبية وما يجري فيها لمكافحة الفساد، أن نبدي إعجابنا بها كدول ترفع الرأس، ونأسى في الوقت نفسه على أحوالنا..!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.