مساعد العصيمي

 

سأقول ودون مواربة أو تردد إن السعودي الجديد أصبح ينظر للعالم بعين مختلفة عما كان يراه هو نفسه إلى وقت غير بعيد.. السعودي الجديد أصبح مختلفاً ورسالته مغايرة، لا يتجاوز ولا يسمح بالإسقاطات المؤلمة التي تعود عرب كثيرون أن يمررونها تجاهه، في ظل صبر على أواصر أخوة اعتقد أنها ستكون مستمرة.. ليكون متغيره الأساس أن مصلحة بلاده فوق أي اتفاق وقبل أي معاهدة.. ولا تقبل التنازلات والتسامح المبالغ فيه كما كان سابقاً.

السعودي الجديد أصبح أكثر صراحة وجرأة فهو يدرك أن العروبة انتماء يعتز به، لكنه وجد كثيراً ممن ينتمون لعروبته لم يدعموه في قضاياه كما يفعل معهم، كما فعلوا حين فقره وحاجته قبل النفط إذ لم يمدوا يد العون له، بل إن كثيرين من ذلك البعض أصبحوا يناصرون خصومه، وتحدثوا باستمرار بلسان الضد تجاهه.

السعودي انتصر لكل القضايا العربية، دعم دولاً عربية، وثبت معها قبل وبعد تحريرها من الاستعمار، كما دول الخليج والجزائر، ودفع بجيشه لمناصرة فلسطين وجيرانها العرب في الحروب الثلاث، وقف مع العراق في حربها مع إيران، انتصر للشعب اليمني لوقف المد الفارسي، وكان العون والعضيد مالياً لكثير من الدول العربية، بل إن السعودي أول من انبرى لحل الخلاف والتهديد بين العرب أنفسهم.. وماذا بعد ذلك؟!. فما زالت أكثر مواجعه تأتي من بعض هؤلاء العرب، فهم يريدونه مداً مالياً لا يتوقف لهم.. أو حاضنة لإسقاطاتهم.. عليه أن يتقبلها دون أن يغضب؟!.

عفواً فالسعودي القديم الذي آثر التنازلات لأجل العروبة وكرامة لأهلها قد أصبح مختلفاً، هو لن يتخلى عن مبادئه الراقية تجاه عروبته، لكنه لم يعد منقاداً للشعارات كما كان.. يرسم توجهاته من خلال المصداقية والمصلحة ومستقبل بلاده وأبنائه، بعد أن وقف على أنه لم يجد في بعض من ناصرهم إلا كثيراً من القلق، بل ودعماً لخصومه وكل من أراد سوءًا به، في ظل أنهم المستفيدون من بلاده دون أي مقابل يذكر.. وإن كان ثمة متكأ يريده، فبعده الخليجي الصادق معه وامتداده الإسلامي النبيل وكل ما من شأنه علاقات واضحة جلية تحكمها المصلحة والمحافظة على حقوق الآخر جميعها تكفيه، والاحتماء بتمازجه وتشابهه يغنيه.

لن يصمت على المؤامرات التي تصنع لأجل إقلاقه، بل سيعمل على قطع دابرها حتى وإن اتخذت اليمن أو مكاناً آخر موقعاً لها.. لن يكون مستكيناً متسامحاً.. بل مبادراً لدرء السوء، ولن يتنازل عن ذلك، ومع ذلك سيظل على مبادئه متمسكاً بكل ما يدعم قضايا العرب، وأهمها تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، وتطهير اليمن من المد الفارسي.

الأهم في القول أن السعودي الجديد قد شبع من عدم وضوح المزاج العربي ومن الخطاب الصادر من بعضه بتقلباته وانقلاباته وإعلامه المتقافز نحو كل ما هو ضده ودعماً لمن يعاديه، والآن لن تنطلي عليه الأفكار المغلفة بمعتقدات بالية، ولا الدعوات الدينية أو العرقية الرافضة للآخر ولن ينقاد لها.. الحقيقة أنه أدرك العالم وماذا يريده منه، وما يريده هو من هذا العالم.