مشاري الذايدي

تقترب الأمور للمواجهة الفعلية، بين واشنطن وموسكو على الأرض السورية، بعد الإنذار الأميركي الساطع بأن واشنطن ستتحرك لوحدها بسوريا إذا لم يفعل مجلس الأمن الدولي شيئاً حيال «الافتراس» الروسي الإيراني الأسدي المشترك للغوطة الشرقية.

فوراً أتى الردّ من الروس، فحذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن أي ضربة عسكرية أميركية ستكون عواقبها «وخيمة». أما رئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف، فأكّد أن الجيش الروسي سيردّ على أي ضربة أميركية على سوريا، وسيستهدف أي صواريخ ومنصات إطلاق تشارك في مثل هذا الهجوم. وقال إن لدى بلاده «معلومات موثقة» عن هذا الهجوم الأميركي.

ضع ذلك مع «الحرب الدبلوماسية» التي أشهرتها لندن، الحليف الأوثق لواشنطن، بطرد كل الدبلوماسيين الروس من بريطانيا ومقاطعة الحكومة والعائلة الملكية لمونديال روسيا، وتحذير الرعايا البريطانيين من خطورة السفر لروسيا، وتجميد الأصول الروسية في بريطانيا، بعد جريمة تسميم الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال وابنته في سالزبري جنوب لندن، حيث جاء في بيان الرد من الخارجية الروسية: «بريطانيا اختارت المواجهة... ردّنا لن يتأخر».

ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية - بنكهة كيدية نسائية - علقت على حديث رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ضد روسيا بعد حادثة التسميم ضد وزير الخارجية الروسي: «تيريزا... لافروف وزير روسي وليس وزيراً بريطانياً... أدرك أنك تتمنين غير هذا لكن وزيرك هو بوريس جونسون».

روسيا اليوم تبني تحالفاً غريباً ضد أميركا والغرب - وبالضرورة كثير من العرب خصوم إيران - مسرحه سوريا، يتكون هذا الحلف من إيران وشبكاتها وأبرزها «حزب الله» اللبناني، معهم، وهنا العجب، «تركيا الإردوغانية» الحانقة على «أميركا الترمبية» لأسباب منها دعم أكراد سوريا وتكوين قواعد شرق الفرات لقطع الطريق على الاتصال الجغرافي الإيراني وصولاً لمياه المتوسط. لماذا يزعج هذا تركيا «العصمنلية»؟!

وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مؤتمره الصحافي الأخير مع الوزير الروسي لافروف، قال: «هناك تنظيمات كـ(النصرة)، علينا محاربتها مع روسيا في سوريا». ونوّه بتغييرات «إيجابية» على الأرض السورية. وأعلنها صريحة أن تركيا: «تدعم وحدة الأراضي السورية مع روسيا وإيران»! ليردّ الوزير الروسي «الثلجي» لافروف أن روسيا ستسرع عملية تسليم صواريخ سطح جو من طراز إس - 400 لتركيا.

الخريطة السورية بحالة سيلان اليوم، الموقف الأميركي في مزاج غاضب، وروسيا تسعى لمحاصرة الحضور الأميركي بسوريا لصالحها وصالح حلفائها... المؤقتين، أو الحلفاء «الأعدقاء».

عن ماذا سيسفر هذا المشهد في آخره؟ وهل من ضمانة ألا تنقدح شرارة كشرارة اغتيال ولي عهد النمسا بمفتتح الحرب العالمية الأولى... والأهم ماذا عنّا نحن قبل هبوب العاصفة؟