تركي التركي من الرياض

قيل قديما "إن الأرقام هي لغة الكون وهبها الخالق للبشر من أجل تأكيد الحقيقة". وبالتالي فهي لغة مشتركة تجمع القاصي والداني على كلمة سواء. لذلك تأتي زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة بعد ثلاثة أعوام من تدشين "الرؤية السعودية 2030" مدججة بالأرقام المتحققة واقعا، وأخرى في مسارها للتحقق ضمن أهداف "الرؤية" عموما، وتعزيز العلاقات المشتركة مع الجانب الأمريكي تحديدا. إذ لم تخل كلمة الأمير المقتضبة لدى لقائه الرئيس الأمريكي ترمب من أرقام اقتصادية تداولها الداخل الأمريكي بكثير من الاهتمام والعناية، فهي تصب في صميم تطلع المواطن وثقة المسؤول على حد سواء. 

إذ إن حديث الأمير تجاوز الوعود السياسية المعهودة والمكرورة بين الزعماء التي بالكاد ترقى لمستوى الأماني. ليصب في مسار المصلحة المباشرة وغير المباشرة للبلدين عبر كلمات مباشرة اختار لها عراب "الرؤية" السعودية أن تأتي مليئة بالأرقام والنسب الموجهة ليكون هذا الحديث الأول من نوعه لقائد عربي أو حتى غربي، يكتفي الأغلب منهم عادة بتبادل المجاملات والتقاط الصور في مثل هذه اللقاءات السريعة. 

لغة سعودية جديدة وقوية، محصنة بالحجة الحاضرة، وموثقة بالإحصاء المدروس، يمثلها الأمير محمد بن سلمان ويبرع فيها بطلاقة تدل على إلمام كبير ومفصل بحيثيات الاستراتيجيات والبرامج الحاضرة والمستقبلية لرؤية البلاد. ما يعطي بدوره زخما كبيرا لبرنامج زيارة الأمير المتنوع والشامل. 

بدءا بعمقه السياسي المتمثل في لقاء الرئيس في واشنطن العاصمة مرورا بنيويورك عاصمة البورصة والمال وهيوستن أرض تكرير النفط ودراساته، وليس انتهاء بمدن عادت من كبوة الإفلاس أشد قوة ونجاحا كديترويت معقل صناعة السيارات، فضلا عن لوس أنجلس رائدة الترفيه العالمي، وصولا إلى مكان الأمير المفضل سان فرانسيسكو حيث منصات التكنولوجيا الحديثة والعلماء المستقبليين الذين لم يخفوا بدورهم اهتمامهم وتطلعهم الشديد لمشروع السعودية القادم "نيوم" مدينة الطموحين ووجهة الحالمين.

كما لم يخل برنامج زيارة ولي العهد من ولاية بوسطن المعروفة بجهاتها التعليمية الرائدة ليناقش هناك مع كبار التنفيذيين المعنيين أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيات التعلم وأدبياته إيمانا منه ومن فريق عمله الوطني بالتعليم كمفتاح للتقدم والمهارة وكنتيجة حتمية لا غنى لأي بلد عنه مهما بلغت أرصدته حيث الاستثمار في الإنسان وتعليمه هو الأجدى على المدى القريب والبعيد. 

سبع مدن أمريكية متنوعة الاهتمامات والابتكارات بكبرى شركاتها وقادتها المؤثرين عالميا على موعد مع الأرقام السعودية التي يحملها مهندس "الرؤية" السعودية عبر لغة مشتركة يفضلها المستثمر والمسؤول ويثق فيها المواطن لما فيه مصلحة وخير البلدين.
إنشرها