خالد أحمد الطراح

 فخ التكلفة الغارقة SUNK COST TRAP مصطلح اقتصادي معروف، وهو باختصار تعبير عن قرار رسمي أو فردي في الاستمرار في ضخ أموال أو اتخاذ قرارات غير صائبة في مشروع خاسر، وعدم تصويب القرار في اعتماد إجراء جريء تفادياً لتكلفة وخسارة تلد أخرى.
المصطلح ينسحب أيضاً على سلوكيات فردية، حتى لو كانت بسيطة، حين يسيطر على صاحب القرار الإصرار على شراء بضاعة معينة، أو الإفراط في الصرف على كماليات غير ضرورية، تنتج عنها فيما بعد خسارة مادية ومعنوية كان يمكن تفاديها.
هذا المصطلح ينطبق تماماً على وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، التي شغلت الساحة المحلية منذ مارس 2016، حتى أسدل الستار عليها رسمياً، بعد أن حصدت ردود فعل شعبية ومهنية أيضاً لم يكن أي منها إيجابياً.
الوثيقة وصفت أنها «ولدت ميتة»، وأنها في حالة «موت سريري»، فيما جدد العم علي الغانم، رئيس غرفة وتجارة الكويت، أخيرا أمام الجمعية العامة الرابعة والخمسين للغرفة، ان «وثيقة الإصلاح جاءت خجولة ومترددة وان نجاحها جاء قاصراً عن المتاح، بعيداً عن الطموح».
الوثيقة الخجولة تبنتها الحكومة على مدى عامين، وحاولت جاهدة حيناً بين ادعاء تطوير الوثيقة، بسبب حجم التحفظات عليها، والرفض من عدة مصادر وجهات، وتجميدها حيناً آخر بعد أن لفظت الوثيقة أنفاسها.
لذا لابد أن تنتج عن كل ذلك تكلفة للتردد والخجل من الإقدام على إنجاز إصلاح اقتصادي شامل، وهو ما نجهله إلى اليوم، فالوثيقة كان يفترض أن تنقذ البلد من وضع اقتصادي متدهور، في ظل تراجع اسعار النفط، وغياب رؤية حكومية لمعالجة الهدر في الميزانية العامة، وهو ما لم يتحقق!
إلى جانب ذلك، تردد إعلامياً أن وزارة المالية بصدد التعاقد مع شركة إعلامية لتسويق وثيقة لم تملك مقومات الإصلاح، وهو ما يعني في حال وجود عقد للتسويق أن هناك تكلفة مالية تكبدها المال العام، ولم تستفد منها الحكومة وأجهزتها!
أمام هذه الأوهام والإصرار الحكومي على وثيقة غرقت منذ انطلاقها، من المؤكد ان تكون هناك تكلفة سياسية ومالية للتأخير في الإصلاح، وهو ما ينبغي على السلطة التشريعية، وديوان المحاسبة التحقيق في تكلفة الخجل والتردد، وتبيان حجم الخسارة التي تكبدها المال العام وخزانة الدولة، وأي خسارة مستقبلية على المواطن والخزانة العامة، خصوصاً أن الحكومة اقترحت في صيف 2016 ما يعرف بدعم 75 ليتراً من الوقود للمواطن بينما آلية التنفيذ في سبات عميق!