محمد الحمادي

‏بعدما احتلت إيران منطقة عربستان شمال غرب الخليج العربي في عام 1925 قامت بتغيير اسم المنطقة مباشرة إلى خوزستان وعاصمتها الأحواز، وجاء هذا الاحتلال ليسيطر على مساحات شاسعة تمتد من مضيق هرمز وحتى الحدود العراقية، أكثر من 300 ألف كم، ويبلغ عدد السكان أكثر من 10 ملايين نسمة، ليصبح بذلك ثاني احتياطي للغاز والنفط بالعالم تحت يد النظام الإيراني، أما الشعب العربي، فيعيش في تلك الأرض حالة من الجهل والفقر والإهمال، على الرغم من أن في الأحواز نحو 90% من النفط والغاز في إيران، بالإضافة إلى خصوبة أراضيها.

هذا الاحتلال الذي سيمضي عليه قرن من الزمان يكشف حقيقة النظام الإيراني، فمن الأمور المثيرة للسخرية أن هذا النظام يتكلم عن حقوق الشعوب المظلومة والمضطهدة ويتجرأ ليقفز إلى الدول العربية ويدعي أنه مع حق الشعب الفلسطيني، والعراقي، والسوري، واليمني، والبحريني، وغيرها، وهو يقمع من يفترض أنهم من شعبه!

في الأشهر الأخيرة الماضية تصاعدت الاحتجاجات في الأحواز العربية بشكل لافت وأصبحت منطقة جنوب غرب إيران مركزاً للاحتجاجات وهي ليست جديدة، ولكن وتيرتها في تصاعد مستمر.. وهذه الاحتجاجات طبيعية نتيجة للقمع وللتمييز العنصري الذي يمارسه النظام في إيران ضد الشعب العربي الموجود في الأحواز، هذا الشعب ‏الذي يطالب بحقوقه الطبيعية والمشروعة ويطالب بالعيش الكريم والحرية والمساواة، وللأسف أن كل هذه الأمور تواجه بالاضطهاد، والقمع، والغازات المسيلة للدموع، والمشانق، والإعدامات اليومية، حتى أصبحت إيران على قائمة الدول التي تعدم شعبها!

الموجة الأخيرة من الاحتجاجات والتي بدأت قبل أسبوع تقريباً كانت بسبب إصرار الإعلام الإيراني، متمثلاً في القناة الثانية، على تجاهل الوجود العربي أثناء برنامج تلفزيوني للأطفال تضمن فقرة استعراضية تجاهلت الوجود العربي في الأحواز، وتم تعريف كل الأقاليم بأزيائها المحلية ما عدا الأحواز، الأمر الذي أدى إلى خروج المتظاهرين في احتجاجات ضد هذا السلوك الذي اعتبره الأحوازيون إمعاناً في تهميش وطمس الهوية العربية لمنطقتهم، بعد أن تم تغيير أسماء مناطقهم ومنعهم من تدريس اللغة العربية.

إيران مطالبة باحترام حق الشعب العربي في أراضيها، والحفاظ على حقوق هذا الشعب قبل أن تنفلت خارج حدودها، وتدعي أنها تدافع عن حقوق شعوب أخرى لأسباب «مذهبية»، فالحقيقة أصبحت واضحة، وهي أن ما يحرك نظام طهران هو أطماعه التوسعية، وأوهامه القديمة التي ندرك جميعاً أنها لن تتحقق، وكما أن الشعب الأحوازي العربي لن يسكت عن حقه، فإن الشعب الفلسطيني لا يريد شيئاً من نظام إيران بعد أن أدرك أنه أكثر من تاجر بقضيته.