أحمد رحيم 

«أدمِن النجاح». نصيحة نجم منتخب مصر لكرة القدم، لاعب نادي «ليفربول» الإنكليزي محمد صلاح، لمدمني المُخدرات في بلد وصلت نسب التعاطي فيه إلى ضعف المعدلات العالمية، ما استدعى استنفاراً حكومياً للتصدي لتلك الآفة المُدمرة.

محمد صلاح (25 عاماً) الذي تحوّل أسطورة في نظر مواطنيه، حتى إن غالبيتهم باتت شغوفة بتتويجه يوماً أفضل لاعب في العالم، حققَ نجاحاً آخر بعيداً عن ملاعب كرة القدم، إذ خطا بآلاف المدمنين في مصر نحو التعافي، ناصحاً: «أنت أقوى من المخدرات، وأكيد مش حتسيبها تغلبك».

في مصر، أعد الصندوق الحكومي لمكافحة وعلاج الإدمان، بالتعاون مع مركز البحوث الجنائية ووزارة الصحة، إحصاءً عام 2014 للوصول إلى أرقام دقيقة عن أعداد المتعاطين والمدمنين، فكانت الأرقام صادمة. وحسب مدير الصندوق الدكتور عمر عثمان، أظهرت الدراسة أن 10 في المئة من إجمالي الفئة العمرية ما بين 15 و60 عاماً (56 مليوناً)، يتعاطون نوعاً واحداً على الأقل من المخدرات، و2.4 من الفئة العمرية نفسها يُدمنون صنفاً واحداً على الأقل. يعني ذلك أن مصر تضم 5.6 مليون متعاطٍ، وأكثر من مليون و300 ألف مدمن، وهي أرقام قال عثمان إنها ضعف المعدلات العالمية، علماً أن متوسط إنفاق الفرد الواحد منهم على المخدرات يصل إلى نحو 15 دولاراً شهرياً، وأن 73 في المئة من المتعاطين والمدمنين من الذكور، و27 في المئة من إلإناث.

تلك الأرقام، دفعت صندوق علاج الإدمان إلى البحث عن وسائل مبتكرة لمكافحة الإدمان، ذكر منها عثمان تدريس منهج لتلاميذ التعليم الأساسي بعنوان «اختر حياتك»، يُوضح أضرار التعاطي أو حتى تجريبه، ومنها أيضاً إنتاج إعلانات دعائية تشارك فيها رموز شبابية لمخاطبة الفئة المستهدفة.

محمد صلاح واحد من سفراء النوايا الحسنة للصندوق، لكن مشاركته الأخيرة في حملة الصندوق ضد المخدرات، لاقت صدى لم يكن متوقعاً.

رسالة صلاح داعبت طموح الشباب، فإما أن تُدمن النجاح وترفض لحظات الانكسار لتحيا على أمل تبوؤ مكانة كصلاح، أو تُدمن المخدرات لتواجه فشلاً محتماً.

وقال عثمان: «منذ بدء الحملة قبل أقل من أسبوع، انفجرت صفحات الصندوق على مواقع التواصل الاجتماعي لطلب العلاج أو المشورة، بعدما حقق ظهور صلاح نسبة مشاهدة اقتربت من 10 ملايين مرة في أيام، وتضاعفت 4 مرات عدد المكالمات الهاتفية التي كان يتلقاها الخط الساخن للاستفسار عن طرق العلاج». وأوضح أن اللافت أن التفاعل الكبير مع إعلان صلاح على الـ»سوشيال ميديا» أو تضاعف الاتصال بالصندوق كخطوة للتفكير في التعافي، أتى من الفئة العملية بين 15 و35 عاماً، وهي الأعلى استخداماً للمخدرات.

وحسب الدكتور عثمان، يُموّل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان من الغرامات المفروضة على تجار المُخدرات، وهو يقدم العلاج لطالبيه مجاناً في مستشفيات القوات المسلحة ووزاتي الصحة والتعليم العالي. واستفاد من خدماته العلاجية العام الماضي 104 آلاف مريض، بعد أن تراوحت أرقام المستفيدين لسنوات ما بين 30 و40 ألفاً.

وقال عثمان إن الصندوق، بالتعاون مع مؤسسات رسمية، أجرى تحليلات لنحو 50 ألف سائق سيارة أجرة ونقل، فوجد أن نحو 24 في المئة منهم يتعاطون المخدرات، فيما وصلت النسبة الى 12 في المئة بين 9 آلاف سائق لحافلات نقل تلاميذ المدارس. وأضاف أن آخر تحليلات أظهرت انخفاضاً إلى 12 في المئة للفئة الأولى، و3.9 في المئة للثانية، لافتاً إلى أن الصندوق، بالتعاون مع الوزارات المختلفة، يُعد حملة لإجراء تحليل الكشف عن تعاطي المخدرات للعاملين في الجهاز الإداري للدولة.