شملان يوسف العيسى

في الوقت الذي تنفتح فيه السعودية وتتخذ قياداتها سياسات جديدة تبعدها عن التطرف الديني والمغالاة في الدين وتحاول فيه تحديث سياستها لدخول عصر الحداثة بقوة، حيث تم رد الاعتبار للمرأة السعودية، وتم إدخالها سوق العمل بأعداد كبيرة، نجد خطباء المساجد في الكويت- من خلال خطبة الجمعة الموحدة- يقومون بالهجوم على التعليم الحديث والنظريات التطورية والفلسفة، والأهم من كل ذلك، الهجوم على المرأة، خصوصاً المرأة السافرة، واتهامها بالكفر والإلحاد والخروج عن الدين.

التيار الليبرالي والوطني في الكويت اتهم الحكومة بالعجز والخوف من تيارات الإسلام السياسي في مجلس الأمة، فالحكومة من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية اتخذت موقفاً سلبياً ضد المرأة، كما سمحت لجماعة «التبليغ الإسلامية» المتطرفة المبيت في إحدى مصليات النساء بمنطقة الفردانية. هذه الخطوة غير المعهودة استنفرت جهاز أمن الدولة الذي قام بإلقاء القبض على عناصر «التبليغ» وحققت معهم قبل أن يتم إطلاق سراحهم.. الأجهزة الأمنية طلبت من وزارة الأوقاف بعد هذه الحادثة التعميم على إدارة المساجد بتشديد الرقابة على بيوت الله ومنع هذه الجماعة وغيرها من التواجد في المساجد إلا بعد الحصول على الموافقات المطلوبة.

الصحافة الكويتية اتهمت الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف بالتراجع عن قراراتها السابقة بالمنع بعد أقل من 24 ساعة في حدود القرار، ويعود السبب إلى ضغوطات نواب الإسلام السياسي في مجلس الأمة.

تقدم خمسة من نواب «الإخوان» في مجلس الأمة باقتراح قانون بشأن تنظيم الهيئات السياسية مكوناً من 38 مادة، واقترح النواب منح المواطنين حق تكوين الهيئات السياسية، وحدود ألا يقل عدد المؤسسين عن 300 شخص، وبرر مقدمو الاقتراح بأن هدفهم من تقديمه هو أن يكون للممارسات السياسية تنظيم قانوني تحت مظلة الدولة، بحيث يكون هناك نوع من الرقابة ليتم العمل وفقاً للدستور.

السؤال لماذا عادت الحكومة إلى مهادنة تيار الإسلام السياسي الآن؟ وما الهدف من ذلك؟ الهدف واضح وهو إلهاء الشارع والصحافة بمناورة سياسية خطرة باستقطاب تيارات الإسلام السياسي إلى جانبها بعد أن اشتدت الانتقادات للحكومة من قبل التيارات الإصلاحية والوطنية والليبرالية في مجلس الأمة وخارجها والصحافة ووسائل الاتصال الجماهيري بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد إلى نطاق واسع مما جعل رئيس الوزراء يصرح بأنه محبط من تراجع الكويت في مؤشر الفساد العالمي.

الأمر المؤكد بأن الحكومة الكويتية لن تقبل مطالب الإسلام السياسي لأنها تعي تماماً بأن مطالب هذه الجماعات لن تتوقف، كما أن المطالبة بإشهار الأحزاب تعطي تنظيم «الإخوان» قوة ودفعة جديدة للتحكم بالشارع، خصوصاً وأن لديهم مطالب سابقة تدعو بأن يكون رئيس الوزراء منتخباً من الشعب بشكل مباشر. في النهاية الكويت دولة مدنية حديثة العهد بالديمقراطية، ولا يمكن أن يقبل شعبها وحكامها التحول إلى دولة دينية خارجة عن روح العصر.