راجح الخوري

في لبنان لا يقرأون الفرنسية، أعني أن معظم المسؤولين لا يقرأون لا الفرنسية ولا العربية، يجيدون فقط قراءة الأرقام على الورقة الخضراء الدولار، وهكذا فإن محتوى الفضيحة التي نشرتها "لوبسرفاتور" الفرنسية المحترمة لن يستحق ردًا أو توضيحًا، يحاول أن يرفع عن الوسط السياسي اللبناني، هذه الاتهامات المهولة عن السرقات الأسطورية حيث قالت المجلة بالحرف:
"إن معظم العاملين في الحقل السياسي في لبنان حققوا ثورات بمعدل مليار دولار لكل منهم"، ولعل هذا ما رفع مستوى الدين العام إلى أكثر من 86 مليار دولار. ولاحظت المجلة أن "كلفة إعادة إعمار الكهرباء والمياه والمدن المهمة في سوريا لن تتجاوز 65 مليارًا، فكيف وصلت ديون لبنان إلى 86 مليارًا، ولم يتم بناء معمل واحد للكهرباء ولا سد لتأمين المياه ولا طريقًا يساهم في وقف اختناق السير"؟
أمس أجرت جريدة "إيلاف" مشكورة مقارنة صارخة لا با فاضحة بين ما يتقاضاه النائب في الولايات المتحدة الأميركية وما يتقاضاه النائب في لبنان والعراق. لن أدخل في الأرقام لكن من الضروري التوضيح أن أعلى راتب لنائب أميركي في كاليفورنيا هو 97 ألف دولار في السنة وأدنى راتب في داكوتا الشمالية هو 8 آلاف دولار، بينما يتقاضى النائب اللبناني 100 ألف دولار إضافة إلى اعتمادات بعشرات آلاف الدولارات وكذلك الأمر في العراق.


لا داعي هنا للتذكير بمبلغ الثلاثين مليون دولار التي تدفع سنويًا للنواب السابقين وعائلاتهم حفاظًا على الكرامة والمقام كما قيل ذات يوم، لكأن المواطن الذي يشحذ يفقد الكرامة والمقام، ولكن من الضروري وأنا أقرأ الأخبار بعضها إلى جانب البعض أن أحك قليلًا جروح اللبنانيين الذين لم يقرأوا أخبار البرازيل.
مسكين المدعو لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الذي بدأ ماسحًا للأحذية والأمي اليساري الذي صار رئيسًا للجمهورية، فقد نام ليلته الأولى في السجن يوم السبت، لأن هناك قاضيًا شجاعًا يدعى سيرجيو مورو حكم عليه بالسجن بتهمة الرشى لأنه قبل شقة هدية على البحر من شركة الإنشاءات العامة!


شقة على البحر ثمنها 103 آلاف دولار وهو مبلغ لو حاولت أن تعطيه لمرافق من العناتر في بيروت لتلقيت لكمة تهرّ أسنانك، (أي ي ي والله)، ولأن الشيء بالشيء يذكر، لن يغيب عن الصورة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي ينام في "بيت خالته" بسبب أموال دفعها له معمر القذافي!
هل تريد المزيد؟ نتنياهو مطلوب لدى القضاء للتحقيق في الفساد، قبله صار سلفه إيهود أولمرت هيكلًا عظميًا في السجن بعد حبسه بتهم الفساد، ورئيسة كوريا الجنوبية السابقة بارك غوين تنام في "بيت خالتها" أيضًا بسبب الفساد.
وليس في لبنان فاسد، نحن بلد الملائكة الأطهار!