سمير عطا الله

 بي ضعف شديد - أو لعله قوة - حيال العصاميين، أو الناجحين بلا مساعدة إلاّ عون الله والموهبة الفائقة. ومدى استثمارها. ولا يهمني كثيراً من يكونون، ولا من أين. كيف لا تهتز فيك كل أوتار الإعجاب عندما تقرأ أن وارن بافيت بدأ حياته يحصد دولارين في اليوم، ثم أصبح أحد أغنياء التاريخ؟ الإسباني صاحب «زارا» كان خياطاً عادياً قبل أن يصبح زميل بافت وغيتس وكارلوس سليم.

ما أبلد الذين أمضوا أعمارهم وهم على السطر. لا فوق ولا أمام. كم تعتقد عدد أصدقاء بافت الذين يحكون رؤوسهم متندرين «آه، الشقي وارن. أعرفه من أيام كان يبيع الثياب الداخلية». قد يكون القائل في هذه التجارة إلى اليوم، بينما يمضي بافت في شراء بنوك أميركا ومزارعها ومناجمها وآبارها النفطية.
ليست أميركا وحدها بلاد الفرص والناجحين. نيكيتا خروشوف بدأ راعياً وعامل منجم قبل أن يصبح سلام العالم تحت إبهامه. وجون ميجور كان ابن مهرج سيرك في ضاحية بريكستون الفقيرة، قبل أن يصبح رئيس وزراء بريطانيا، خلفاً لابنة بقال. ورئيس وزراء فرنسا دو بيريغوفوا كان عاملاً ميكانيكياً.
كلما قرأت شيئاً جديداً عن رونالد ريغان أتذكر لقاء في واشنطن مع البروفسور مايكل هدسن عشية موعد انتخابات الرئاسة، فسألني توقعي، وأجبت أن ريغان سوف يفوز. فضحك قائلاً: لعل من الأفضل أن أطلب رأيك في قضايا الشرق الأوسط. فقلت للأستاذ المؤرخ: وسوف يفوز باكتساح شامل.
أقرأ للمؤرخ البريطاني بول جونسون الآن «سِير قصيرة» أن ريغان كان من أكثر الرجال الذين عرفهم ذكاء. وكان يحفظ أربعة آلاف نكتة من سطر واحد يستخدم منها ما يناسب في أي موضوع. وبدا ذكاؤه الحاد بوضوح خلال مناظرته مع الرئيس جيمي كارتر. فقد أمضى كارتر الوقت المعطى له في تعداد رتيب وممل لما ينوي أن يحققه بأسلوب إنشائي معهود. وعندما انتهى تطلع إليه ريغان قائلاً: يبدو أنه لا يمل!
ويقول جونسون إن ريغان استخدم في السياسات ما تعلمه في التمثيل، وخصوصاً ضبط الأعصاب، وهي على ما يبدو، أهم ميزة يجب أن يتميز بها السياسي، أو الإنسان العادي على السواء. وروى لي الرئيس أمين الجميل أنه عندما جاء الرئيس الأسبق كميل شمعون يهنئه بانتخابه، سأله ما هي نصائحه؟ فأجاب: «هناك نصيحة واحدة لا غير. كن دائماً أقوى من لحظة التحدي». وكان ريغان يضيف: «لا شيء سوف يهد خصمك أكثر من ذلك».