عبدالمحسن يوسف جمال 

 قال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (المائدة: ١١).
في التاريخ البشري يمكننا أن ندرس أسباب لجوء كثير من الدول إلى حل مشاكلها مع الآخرين عن طريق الحروب.. ويزداد ذلك إذا شعرت هذه الدول بتعاظم قوتها وقدرتها على هزيمة الآخرين.
ولقد أصبحت الحروب على مدار التاريخ مصدرا للدراسات السياسية والعسكرية والاجتماعية، فهناك نظريات صاغها العلماء لتوضيح أسبابها ونتائجها ونظريات اخرى لكيفية اندلاعها وطرق ايقافها ناهيك عن الاستفادة منها.. ووصل الامر في البعض الى درجة استخدام الحروب بين الدول وادارة الازمات للاستفادة من خيرات هذه الدولة او تلك.
ومع ان العمل السياسي الذي يأتي في المرتبة الاولى يجب ان يكون اخلاقيا وذا قيم عالية، وان اللجوء الى الحروب لا يكون الا لتثبيت هذه المبادئ والقيم، الا ان البعض يلجأ الى الحروب لاسباب غير اخلاقية ومن دون قيم ومبادئ.


لذلك، جاء الاسلام ليكفّ ايدي اولئك القوم عن استخدام الحروب لحل مشاكلهم مع المسلمين بإشعال الحروب، وان الله يخبرنا في هذه الآية الكريمة انه منع العديد من هذه الحروب وكفى المسلمين القتال، وهي من نعم الله عليهم.
وتذكر الآية عمن يريد بالاسلام ضرراً بانهم «قوم» بصيغة النكرة، موضحا انه وعلى مدار التاريخ سيكون هناك من يريد اشعال هذه الحروب بين المسلمين او بينهم وغيرهم وعلينا ان نحذر منهم وان نحاول منعها لان هذا المنع او ايقاف الحروب هو نعمة يجب علينا العمل بها وتذكرها دائما.
وبما ان هناك أناسا من مختلف الاديان والاجناس يعملون على تجنيب البشرية مخاطر الحروب فعلينا أن نقف معهم للعمل على تحقيق ذلك، ونعتبر نجاحنا في منع الحروب نعمة من الله علينا، يجب العمل لها والحفاظ عليها وان نلجأ دائما الى الحلول السلمية.
والتنسيق مع هذه الفئات المناوئة للحروب في العالم هو امر مطلوب على الجميع كي يخلقوا ضغطا عالميا ويشكّلوا رأيا عاما عالميا، يتصدى لها كي تنعم البشرية بنعمتي الامن والامان، وهما النعمتان اللتان منّ الله بهما على المسلمين، وذكّرهم بهما في هذه الآية الكريمة.