عبدالله بن ناصر الفوزان

لو أني شاهدت الحلقات الأولى لمسلسل العاصوف دون معرفة عنوانه، وطُلب انطباعي لقلت إنه يعرض حالة مجتمعنا السابق قبل التحولات بأسلوب درامي بسيط غير جاذب مع تفوق في تهيئة المكان والأدوات، أما لو عرفت بعد هذا أن عنوان المسلسل هو العاصوف فلابد أن أندهش وأستغرب وأقول صارخاً: أين هذا العاصوف؟.

حين تحشد مئات الألوف خلفك لتريهم ما سيفعل العاصوف بالمجتمع ثم لا يشاهدون أي عاصوف وإنما عرض غير جاذب للمكان الذي قد يمر به مستقبلاً ليعرفوا كيف كان وكيف سيكون فما هو تأثير ذلك على المشاهد وهل سيستمر في المتابعة أم ينصرف لما هو أهم؟

العنوان القوي الحاد الموحي بفكرة كبيرة يجني أحياناً على المسلسل عندما لا يوفق فريق العمل في نقل دلالاته للعمل نفسه، ولا شك أن عرض أحوال المجتمع قبل العاصوف أمر طبيعي بل ضروري ومطلوب لكن كان من الضروري توفير عناصر الجذب التي تتطلبها الدراما والربط بالفكرة العامة، فالدراما مثل نشرات الأخبار تقوم على العواصف والصراعات والمفاجآت والمفارقات ومن خلال كل هذا يمكن توظيف الأحداث والحوار في تحقيق رسالة العمل وأهدافه.

ويبدو لي أن فريق العمل كان مدركاً للفجوة بين فكرة العنوان والحلقات الأولى للمسلسل ولذلك حاول أن يسدها بمشهد اللقيط وبعض المشاهد الأخرى اللافتة لكنه لم يوفق في رأيي ليس لأن تلك المشاهد لم يكن لها وجود في المجتمع كما قيل وإنما لعدم وجودها في فكرة المسلسل بل معارضتها لها ولذلك بدت في الاتجاه المعاكس حيث قدمت المبرر للصحوة بعكس فكرة المسلسل الواضحة من العنوان، كما أنها لم تسد الفجوة بل وبدت مفتعلة وغير منسجمة مع حال تلك الأسرة البسيطة الطيبة المترابطة المحافظة التي قدمها المسلسل كنموذج.

الخلاصة أن عنوان المسلسل يدعو لمشاهدة تحول اجتماعي حاد بينما حلقاته المعروضة حتى الآن تخلو من ذلك لكن هذا لا ينفي أن المسلسل يحمل في جعبته فكرة كبيرة قد تجعله محل الاهتمام الكبير إن وفق في البدء بعرضها مستقبلاً، وسيساعده في ذلك هذا الاهتمام الملحوظ الذي مازال يحظى به لدى النقاد ليس فقط المؤيدين بل حتى المعارضين فقد واجه ومازال يواجه عواصف شديدة ستكون موضوع تغريدتي المقبلة.