زياد الدباس

تقرير «أرنست أند يونغ» يتوقع أن يكون هنالك لا يقل عن ستة عمليات طرح عام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، منها خمسة صفقات ذات صله بالصناديق الإستثمارية العقارية المتداولة (ريست)، علماً أن النصف الأول من عام ٢٠١٧، ارتفع عدد الشركات المدرجة في الشرق الأوسط أكثر من ثلاثة أضعاف مدعوماً بالتحسن العام في أوضاع السوق ، وعلى الرغم من الإنطلاقة البطيئة للنصف الأول من عام ٢٠١٨، إذ المتوقع أن يرتفع نشاط الإكتتاب العام في النصف الثاني، بسبب نتيجة حملة الخصخصة التي تشهدها المنطقة، والتي ستؤدي إلى إدراج الشركات الحكومية وشبه الحكومية في السوق، ومن المرجح طرح إكتتاب عام على أسهم شركة أرامكو عام ٢٠١٩، مع توقعات أن تشكل أكبر عمليات إكتتاب عام على الإطلاق قيمتها ١٠٠ بليون دولار أميركي.

وفي ظل توقعات تحسن سعر النفط، بدأت المنطقة بإستعادة ثقة المستثمرين، كما بدأت دول الخليج جني ثمار الإعتماد المفرط على الموارد الطبيعية مع حرص دول المنطقة بتقوية حجم السيولة في أسواقها المالية، مع عدم توفر رغبة في الإنتقال إلى سوق الإكتتاب العام في ظل استهلاك نسبة من السيولة من قبل شركة أرامكو، وأنشطة الإكتتاب العام للمصدرين الشرق أوسطيين بلغت عام ٢٠١٣، أربعة إكتتابات قيمتها ١٦٦٤ مليون دولار، ارتفعت عام ٢٠١٤، إلى خمسة إكتتابات قيمتها ٢٠٨٣ مليون دولار، وتراجعت عام ٢٠١٧ إلى تسعة إكتتابات قيمتها ٣٩٦ مليون دولار، وتراجعت عام ٢٠١٨ إلى ثلاثة إكتتابات قيمتها ١٢٧ مليون دولار.

ووفقاً لمؤشر عمليات الإكتتاب العابرة للحدود في منطقة أوروبا والشرق الأوسط، وأفريقيا تظهر إن هنالك الكثير من صفقات الإكتتاب العام المرتقبة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في الوقت الراهن، مع توقعات أن يشهد النصف الثاني أداء قوي من حيث النوع من الأنشطة، بينما تشهد الأسواق حالياً حركة نشطة للغاية، وفي أماكن عديدة كالسويد، بينما تسجل صفقات الإكتتاب العام عودة قوية. وأبرز البورصات الدولية المدرجة لصفقات الإكتتاب العام العابرة «جوهانسبرغ» و «يورو نكست» ولندن وأوسولو وبوخارست، وتقرير «يبكرمكنزي»، الذي أكد تباطؤ أنشطة الإكتتاب في الشرق الأوسط، وتأثر صفقات الطرح العام بالأوضاع الجيوسياسية العالمية، علماً أن انخفاض الإكتتاب العام العالمي بحدود الخمس، مقابل ارتفاع الصفقات العابرة للحدود بواقع ١٥ في المئة، وعدد الصفقات الملغاة يزيد عن النصف على النطاق العالمي بسبب المخاوف السياسية وتقلبات السوق وتباطؤ حركة سوق الإكتتاب العام في النصف من عام ٢٠١٨. بلغ عدد الصفقات الجديدة المدرجة ٦٧٦ صفقة بانخفاض نسبته ١٩ في المئة، بينما انخفضت قيمة صفقات الإكتتاب العام المدرجة على النطاق العالمي بواقع ١٥ في المئة لتصل ٩٠ بليون دولار، بينما تراجعت صفقات جمع رأس المال في الشرق الأوسط بنسبة ٧٠ في المئة.

إن المخاوف المتعلقة بالظروف الجيوسياسة، لا سيما السياسات الوقائية للرئيس الأميركي، وتعثر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وعدم اليقين السياسي التي طالت أمدها في إيطاليا أثراً واضحاً على اتجاهات وشهية المستثمرين، إذ ساهمت مجتمعة في تراجع عمليات الطرح العام عموماً، بينما تسببت حالة عدم استقرار السوق، والتي بلغت ذروتها عام ٢٠١٧، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة في تفاقم التحدي المتمثل في تحديد الوقت المناسب للبدء في طرح عمليات الإكتتاب، وساهم الارتفاع الكبير في عمليات جمع رأس المال في أميركا الشمالية في منح زخم هائل لهذه الصفقات، من حيث أبدت جهات الأصدار الخارجية ارتياحاً ملفتاً لإدراج في أميركا، على الرغم من التدابير الوقائية والتحفظية السائدة في أروقة صنع القرار في أميركا، والصفقات التي تقل قيمتها عن نصف بليون دولار تم طرحها بنجاح، إذ استقطبت أميركا ١٣ عملية من عمليات الطرح العام الصينية العابرة للحدود.

الملفت للسنة التاسعة على التوالي لم يشهد سوق الإصدار الأولي في الأردن أي إصدارات جديدة ، ما أدى إلى تخلي السوق عن دوره في تعزيز أداء الإقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة، وحل مشكلة البطالة من خلال توفير التمويل الكافي والسيولة المطلوبة للمستثمرين، ورجال الأعمال لتنفيذ أفكارهم وتوسعاتهم وتعزيز رأس مالهم العامل. إن أهمية سوق الإصدار الأولي تكمن في توفير فرص إستثمارية مختلفة لكافة شرائح المستثمرين وخاصه صغار المستثمرين، وحيث لا تساعد إمكانيتهم المادية على تأسيس شركات.

*كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية