في إشارة تحمل دلالة رمزية بخصوص تنامي قوة تنظيم داعش الذي هزمته القوات العراقية عسكرياً أواخر العام الماضي والاستعداد لمواجهته من جديد، ظهر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس، خلال زيارة له إلى محافظة ديالى (56 كم شمال شرقي بغداد) وهو يرتدي الزي العسكري.


والتقى العبادي في مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، القيادات الأمنية والعسكرية إثر حصول كثير من الخروقات في الطرق الرابطة بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك التي تمثلت بعمليات الاختطاف ونصب السيطرات الوهمية والهجمات المسلحة من قبل عناصر «داعش». وطبقاً لبيان صدر عن مكتبه، فقد وجه العبادي بمضاعفة الجهد الاستخباري والملاحقة المستمرة لخلايا الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة. وأضاف البيان أن العبادي «طلب القيام بعمليات استباقية في مختلف قواطع محافظة ديالى وتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة، مشيداً بقدرة وكفاءة قواتنا الأمنية في مرحلتي الحرب والسلم». وأكد العبادي طبقاً للبيان «أهمية القيام بعمليات دقيقة ومتواصلة ضد عصابات الخطف والجريمة والتعامل معهم بكل حزم وقوة وتدمير مخابئهم وعدم منحهم أي فرصة للنجاة والإفلات من حكم القصاص العادل، مشيداً بتعاون أهالي ديالى مع القوات الأمنية لبسط الأمن والاستقرار وكشف عناصر الإرهاب والجريمة».
إلى ذلك، دمرت قوات التحالف الدولي نفقاً لتنظيم داعش بمنطقة بادوش في غرب محافظة نينوى. وقال بيان لمركز الإعلام الأمني تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «القوات الأمنية في قيادة عمليات نينوى عثرت على 12 عبوة ناسفة و9 أنفاق أحدها مفخخ تم تدميره، ونفق آخر يحتوي عناصر إرهابية تمت معالجته من قبل قوات التحالف وقتل 20 إرهابياً كانوا بداخله في منطقة بادوش». وجاء في البيان: «كما عثرت على 42 عبوة ناسفة في قرية السلام تم تفجيرها موقعياً، وعثرت على 15 صاروخاً من نوع كاتيوشا محلي الصنع و13 عبوة ناسفة محلية الصنع في منطقة بدنه الكبير تم تفجيرها موقعياً، كما عثرت على 8 عبوات ناسفة محلية الصنع في قرية الدوانش تم تفجيرها».
ومن ناحية ثانية، كشف مصدر عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم نشر اسمه، أن ضغوطاً إيرانية لإخراج الخبراء والمستشارين الأميركيين الذين يبلغ عددهم أكثر من 5 آلاف خبير ومستشار في وقت لم يكتمل فيه بعد الجهد الاستخباري العراقي لمواجهة متطلبات الحرب الجديدة من تنظيم داعش التي هي طبقاً لخبير عسكري واستراتيجي عراقي من نوع مختلف. وأضاف المصدر أن «العبادي يواجه ضغوطاً إيرانية لعدم تجديد الاتفاقية الأمنية الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية عام 2008 على عهد ولاية رئيس الوزراء السابق الأولى، كما أنه يواجه أيضاً بإخراج المستشارين والخبراء الأميركيين». ويرى المصدر العراقي أن «إيران زجت بهذا الطلب في وقت حرج الآن لجهة كون العبادي لا يريد أن يتقاطع مع إيران التي يحتاج إلى رضاها في صراعه مع خصومه وشركائه معاً لنيل رئاسة الحكومة المقبلة، كما أنه لا يستطيع المجازفة وإخراج الخبراء والمستشارين الأميركيين أو عدم التجديد للاتفاقية الأمنية لسببين متلازمين؛ وهما أولاً حاجة العبادي إلى عدم التقاطع مع الأميركيين كون كفتهم هي الراجحة في ميل هذا المرشح دون ذاك لرئاسة الحكومة، وثانياً لسبب موضوعي وهو أن العراق ليس جاهزاً تقنياً بعد على مستوى مواجهة (داعش) دون الجهد الأميركي الساند على كل المستويات».
إلى ذلك، وحول ما إذا كانت هناك مخاوف من إمكانية أن يتحول تنظيم داعش إلى قوة عسكرية تهدد العراق مجدداً، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور أحمد الشريفي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المخاوف موجودة بالفعل والوضع بالتأكيد حرج في كثير من الأماكن، لكن الذي يختلف هذه المرة أن التهديد لم يعد عسكرياً مثلما كان عليه الأمر بل تحول إلى تهديد أمني». ويضيف الشريفي أن «المعالجة يجب أن تكون أمنية هي الأخرى تختلف عن مواجهتنا العسكرية لها حين تمكنا من استحضار كل الجهود العسكرية من جيش وحشد شعبي وحشود عشائرية». وتابع: «الآن نحتاج إلى تفعيل الجهود الاستخبارية والأمنية والعمل على اتخاذ إجراءات نوعية». ويرى الشريفي أن «المشكلة التي نعانيها هي أن المنظومة الأمنية والعسكرية مبنية على أساس المحاصصة العرقية والطائفية، الأمر الذي أدى إلى حصول اختراقات، كما أن جزءاً من المعالجات لا بد أن يكون سياسياً وليس أمنياً».
في السياق نفسه، أكد الشيخ علي البرهان، شيخ عموم قبائل العزة في محافظة ديالى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع الأمني في ديالى اليوم يختلف عما كان عليه الأمر قبل فترة ليست طويلة من الزمن، حيث كانت تختلط القضايا الطائفية بالسياسية، ما شكل تهديداً لوحدة النسيج المجتمعي في هذه المحافظة، بينما المشكلة اليوم هي وجود خلايا نائمة لـ(داعش) لكن بلا حاضنة مجتمعية لها». ويضيف أن «كل عشائر ديالى السنية والشيعية تدعم الدولة وتقف معها لأن عدونا واحد وهو (داعش)، وما نحتاجه هو أن تعمل الأجهزة الأمنية بكفاءة عالية وهذه مسؤوليتها لا مسؤوليتنا كشيوخ عشائر».