قتلت القوات الإسرائيلية سبعة متطوعين وصلوا إلى غزة لتوزيع المواد الغذائية على سكانها من خلال منظمة «المطبخ المركزي العالمي»، في جريمة إنسانية يفترض أن يقف العالم كله منادياً بتوجيه اتهام مباشر لكل من يقفون خلفها، ابتداء من رئيس الوزراء، مروراً بوزير دفاعه ورئيس أركانه، وصولاً إلى الحاخام الذي نادى بفرض حرب تجويع في القطاع حتى يهاجر السكان الأرض الجديدة التي يريد أن يستوطن فيها.

تلك جريمة مدبرة، من يعرف تفاصيلها لن يخرج بتبرير أحمق كما فعلت بعض الدول، أركانها مكتملة، ونتيجتها غير خافية على من يملك ضميراً حياً، فالقصف لم يكن عشوائياً، بل متعمداً، لثلاث شاحنات، ضربت بقذائف متتالية، ولم يستطع نتانياهو أن يدافع عنها، ولم يخرج بايدن رئيس الولايات المتحدة بادعاء سقوط قذيفة بالخطأ كما فعل سابقاً عندما ضرب أول مستشفى في غزة، ولكنه نطق بكلام استنكره مساعدوه، عندما قال إن إسرائيل لم توفر الحماية الكافية لفرق الإغاثة، وهذا قول من لا تهمه حياة البشر حتى ولو كانوا يساعدون في إيصال ما يسد رمق الأبرياء، ومحاولة للتغطية على فعل شنيع، ليس سهواً، وبالتأكيد ليس جهلاً، ولكنه دفاع عن «قاتل قصّر في حماية القتيل قبل أن يقتله»!

وقبل أن يتحول كلام رئيس الدولة العظمى إلى مصدر للسخرية، قال البيت الأبيض ما كان يجب أن يقال، وطالب بالتحقيق في الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها، وهنا علينا أن نتوقف مطولاً، فهذه جريمة ضد الإنسانية، انتهكت إسرائيل القانون الدولي الذي يحمي من يقدمون المساعدات للمدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، وخالفت من خلال جيشها تعهداتها بحماية المتطوعين، وتعمدت قتل سبعة منهم حتى يخاف الآخرون، ولا يرافقون المساعدات حتى لا تصل إلى المحتاجين، وتتوقف خطة الميناء العائم والسفن المنطلقة من قبرص، وبعدها لا بد أن تفتح المحاكم أبوابها، ليس في لاهاي فقط، بل في العالم كله، فأخذ حق الإنسان المغدور به من المجرم مسؤولية كل البشر.