هل سيكون هناك رد إيراني على إسرائيل؟ وفي حالة الرد، فما شكله؟، وما أهدافه العسكرية؟ وما مداه؟

وفي حالة الرد، هل سيكون رداً إيرانياً محدوداً؟ أم حرباً موسعة تقوم بها إيران مع وكلائها في المنطقة من اليمن إلى لبنان، ومن بغداد إلى غزة؟

أسئلة أكثر من إجابات، ومحاولات مستميتة من كل المحللين لاستقراء وتوقع رد الفعل المتوقع.

عادة لا يكون هناك رد فعل إيراني، ويتم الاكتفاء ببيان شهير يقول: «وتحتفظ إيران بحقها الكامل في رد الفعل في الوقت والمكان المناسب».

المرة الوحيدة التي كان فيها رد فعل إيراني مباشر هو كرد فعل لاغتيال اللواء قاسم سليماني حينما تم إطلاق صواريخ على قاعدة «عين الأسد» الأمريكية في العراق.

وبعد تركه للرئاسة صرح الرئيس السابق دونالد ترامب بأن الاستخبارات الإيرانية قامت وقتها بإبلاغ نظيرتها في واشنطن بإنذار مسبق بموعد ومكان الهجوم، وأكدت أن الصواريخ لن تصيب أهدافاً مباشرة، ولكن هي عملية «رد فعل واجبة» للحفاظ على الكرامة الوطنية.

إذن هناك رد فعل متوقع، ولكن ما تفاصيله؟

يرجح أن يكون رد الفعل الإيراني بواسطة إيرانيين تحقيقاً لمبدأ الكرامة الوطنية، لأن قتل اللواء زاهدي تم في أرض دبلوماسية، وبالتالي هو اعتداء على أراضٍ إيرانية؛ مما يستحق رد إيران.

ما تجري دراسته الآن هو حجم الاستعانة بوكلاء إيران في هذه العملية، لأن طهران ما زالت حتى الآن تسعى إلى تجنب توسيع نطاق المواجهة العسكرية في المنطقة معها بشكل مباشر.

قرار رد الفعل من عدمه وموعده وحجمه ودور الوكلاء فيه هو رسمياً بيد المرشد الأعلى الإيراني الذي يتولى منصب القائد الأعلى العسكري في البلاد للقوات المسلحة والحرس الثوري.

المرشد الأعلى الإيراني كتب منذ أيام على موقعه الرسمي: «سوف يقوم جنودنا وضباطنا الأبطال برد فعل قاسٍ على الجريمة الإسرائيلية».

ولم يغب عن الرجل أن قام شخصياً بإمامة الصلاة على أرواح الضحايا السبع في طهران وجثامينهم مسجاة وهي ملفوفة بعلم الدولة الإيرانية.

من ناحية أخرى، أخذت السلطات الإسرائيلية احتمال رد الفعل المتوقع الإيراني بقدر هائل من التحوط والقلق واتخاذ إجراءات احتياطية غير مسبوقة، مثل: توقف أنشطة 32 بعثة دبلوماسية إسرائيلية في دول يصعب تأمينها لهشاشة الأمن فيها، وتحذير البعثات الإسرائيلية في الدول الأخرى باتخاذ الحذر والإقلال من الحركة والأنشطة.

وأيضاً تم رفع درجة الطوارئ في الأجهزة الأمنية الاستخبارية وتنشيط أجهزة الرصد والتنصت وتبادل المعلومات مع المصادر العالمية لمحاولة الحصول على أي تفاصيل لرد الفعل المتوقع.

وبحسب الصحف العبرية، فإن مجلس الحرب الإسرائيلي لديه دراسة من رئاسة أركان الجيش وخطط بديلة للتعامل مع حالة رد فعل إيراني يشارك فيها وكلاء طهران في المنطقة.

أكثر من يشعر بالقلق العظيم من هذا الاحتمال هي إدارة الرئيس بايدن، لأن اندلاع مواجهات عسكرية يمكن أن ينزلق إلى حرب يصعب السيطرة عليها سوف يحرج الرئيس في عامه الانتخابي داخلياً من ناحية، وشرق أوسطياً، لأنه سيضعه في مأزق ضرورة دعم إسرائيل في مواجهة إيران.

منذ 7 أكتوبر قامت إسرائيل بتوجيه أكثر من 170 ضربة عسكرية، منها قصف صاروخي أو عمليات نوعية أو اغتيالات بطائرات مسيرة، وفي كل مرة كانت تعليمات القيادة في طهران هي ضرورة «ضبط النفس» في رد الفعل.

هذه المرة نجحت إسرائيل في «الاستفزاز الوطني» لكرامة الحرس الثوري الإيراني من خلال اختيار الهدف والزمن ومكان تنفيذ الاغتيال بحيث يصعب بل يستحيل تجاهل رد الفعل.

حقاً إنها لحظات صعبة للغاية للإيراني والإسرائيلي والأمريكي، وأيضاً للمنطقة.