من المبادئ التربوية المعروفة أن وضع الأخطاء تحت مجهر التقييم يجب أن يركز على السلوك الخاطئ وليس على إصدار أحكام أو أوصاف قاطعة حاسمة عن صاحب الخطأ قد تلازمه طوال حياته، عندما يرتكب الطفل سلوكاً خاطئاً نوضح له هذا الخطأ ولكن لا نقول عنه إنه غبي أو فاشل.

نفس المبدأ في بيئة العمل، وفي البيت مع الأبناء في مختلف الأعمار، وفي علاقة العمل مع السائق أو العاملة المنزلية.

في حالات فردية يحدث سوء فهم في المحادثة بين صاحب العمل وبين العامل ينتج عنه إنجاز عمل غير مقصود فتكون النتيجة الرجوع إلى قاموس الأوصاف (غبي، غبية، ما تفهم) يلصق هذا الوصف بالعاملة المنزلية حتى لو كانت في يومها الأول، ويوصف بها سائق العائلة الذي يطلب منه أن يقوم بأعمال متعددة غير قيادة السيارة فهو كهربائي وسباك وفني سيارات.. إلخ، ومع ذلك سيقال عنه إنه غبي لخطأ بسيط ناتج عن خطأ في التواصل، والخطأ قد يكون من المرسل وليس من المستقبل. في مجال التعليم، لا يمكن للمعلم (التربوي) أن يصف الطالب الذي يقع في الخطأ بأنه غبي، تقييم الطلاب هو تقييم لقدرات المعلم في إيصال المعرفة أو الرسالة للطلاب، تخيل أن يصف المعلم أحد الطلاب أمام زملائه بأنه غبي لمجرد أنه أجاب إجابة خاطئة على أحد الأسئلة، أو –وهنا الخطأ الكبير– قال رأياً مخالفاً لرأي المعلم.

ما هي الفائدة من وصف إنسان بالغباء، هل الوصف مستند إلى حقائق أو مصدره عدم ارتياح أو اختلاف في الآراء أو الاهتمامات. هل من بديل لكلمة غباء؟ مثلاً: يحتاج إلى تطوير، إضافة معرفية، تطوير مهارات التواصل، الثقة بالنفس. ويقال عن الثقة الزائدة بالنفس بأنها من علامات الغباء إذا وصلت إلى حد الغرور وتفسير ذلك إقدام الإنسان على أعمال أو أقوال غير منطقية.

في تعريف الغباء يقال إنه الفعل غير المنطقي أو غير العقلاني. في إطار هذا التعريف تأتي الأسئلة:

هل يختلف مفهوم الغباء بين زمن وآخر؟ هل من الغباء التمسك بالخطأ انتصاراً للرأي؟ هل يمكن القول في هذا الزمن إن من الغباء استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة؟ هل الفوضى في وسائل التواصل الاجتماعي نوع من أنواع الغباء؟ هل حب المظاهر غباء؟ في عالم السياسة، هل الحلول العسكرية غباء؟ هل من الغباء مخالفة القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية كما تفعل القيادة الإسرائيلية في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني؟ هل أصبح الغبي في إسرائيل هو سيد قومه حيث تجتمع فيه كل صفات الغباء، وبالتالي لا مانع في هذه الحالة أن نقول عنه إلى جانب صفة الإجرام أنه غبي؟