أصبح معدل البطالة للسعوديين على قاب قوسين من الوصول إلى معدل 7 %، الذي تستهدفه رؤية 2030، بعد أن انخفضت البطالة بنسبة 0.3 % إلى 7.7 % على أساس سنوي في الربع الرابع من 2023. وإذا ما استمر تراجع البطالة عند هذه النسبة على الأقل، فإنها ستنخفض إلى 7.4 % و7.1 % في عامي 2024 و2025 على التوالي، أي إنها تستبق جدولها الزمني بخمس سنوات. بل إن البطالة تتجه نحو المعدل الطبيعي، الذي من المتوقع أن يتحقق خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما قد يخفض المعدل المستهدف من 7 % إلى 5 % في عام 2030، مثل ما تم رفع المستهدف السياحي من 100 مليون إلى 150 مليون سائح في عام 2030.

‏ ويشمل معدل البطالة الطبيعي البطالة الهيكلية والاحتكاكية ولا يشمل البطالة الدورية. ويؤدي التباين بين المهارات العمالية والمهارات المطلوبة لسوق العمل الى ظهور البطالة الهيكلية، بسبب عوامل خارجية تحدث تغييرات كبيرة في الاقتصاد. بينما البطالة الاحتكاكية (التنقلية) تحدث في الفترة الزمنية ما بين تقديم العامل على الوظيفة وقبوله وتوظيفه من قبل الشركة، أو عند التنقل من وظيفة إلى أخرى، لفترة زمنية قصيرة أو مؤقتة. لذا تلجأ الحكومات إلى الحد من هذا النوعين من البطالة، من خلال برامج التدريب والتأهيل للعمالة ورفع مستوى مهاراتها اللازمة لسوق العمل، وتقديم الحوافز وإعانات التوظيف للشركات. أما دور الشركات فهو توفير المعلومات حول فرص العمل وتقليل الوقت الذي يستغرقه توظيف العمال الجدد.

لذا بادرت حكومتنا الرشيدة إلى الاستفادة من الكوادر الوطنية في مختلف القطاعات، وتأهيلها لتلبية احتياجات سوق العمل، وإطلاق العديد من المبادرات في السنوات الأخيرة وأبرزها مبادرة توطين القطاعات والمهن، والتي ساهمت بشكل مباشر في توفير وتمكين الكثير من السعوديين والسعوديات من العمل في منشآت القطاع الخاص. ومازالت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تبذل جهداً كبيراً لتنفيذ هذه المبادرات على ارض الواقع ومتابعتها، وذلك بتوطين العديد من المهن سواءً أكان بنسب كاملة أو متدرجة للحد من البطالة. كما ساهم في ذلك ارتفاع رغبة السعوديين في الانخراط في سوق العمل، حيث أظهر مؤشر المتعطلين السعوديين أن 94.9 ٪ من السعوديين المتعطلين عن العمل سيقبلون عرض العمل في القطاع الخاص، وان 80.1 ٪ من السعوديات المتعطلات، و91.0 ٪ من السعوديين المتعطلين سيقبلون العمل لمدة ثمان ساعات أو أكثر في اليوم الواحد، وهو تغيراً ملحوظاً.

كما اصبح دور صندوق تنمية الموارد البشرية أكثر بروزاً في تطوير وتنمية مهارات الباحثين عن عمل، وتعزيز مشاركتهم في سوق العمل، بالشراكة مع القطاع الخاص في توظيف وتمكين وتدريب الكوادر الوطنية، حيث ضخ الصندوق نحو 8.7 مليارات ريال خلال العام الماضي، على برامج دعم التدريب والإرشاد والتمكين، وتحفيز منشآت القطاع الخاص، ورفع مستوى مشاركة السعوديين في سوق العمل، والتي ارتفعت من 40.8 % في عام 2017 إلى 51.8 % في عام 2023.

وأخيراً، ستؤدي مبادرات واستراتيجيات التوظيف إلى إتاحة المزيد من فرص العمل للسعوديين والسعوديات، من خلال تحفيز أصحاب الاعمال ودعم المنشآت الصغيرة خلال رؤية 2030. كما ان مواصلة نمو الأنشطة غير النفطية بمعدل 4.4 % والحكومية بمعدل 2.1 ٪ في 2023، سيكون له أثراً كبيراً على توليد المزيد من الوظائف وبالتحديد في القطاعات ذات الكثافة العمالية. وستشهد المرحلة المقبلة معدل بطالة طبيعي عند مستوى التوظيف الشبه كامل.