أمس الأول، الثالث والعشرون من إبريل/نيسان، مرّ اليوم العالمي للقراءة وحقوق المؤلف. حسناً فعلت منظمة «اليونسكو» بتخصيص هذا اليوم. تستحق القراءة يوماً عالمياً لها، فهي قرينة المعرفة والتنمية والوسيلة إليهما، وهي جسر التواصل بين ثقافات العالم وآدابه وعلومه، ولولا الكتب والقراءة كانت الأفكار ستبقى حبيسة النفوس والأذهان. جميلٌ أن يجري تحفيز الاهتمام بالقراءة، في هذا اليوم، عبر تنظيم فعاليات احتفالية مختلفة حول العالم، بما في ذلك تخفيض أسعار بيع الكتب، وإقامة معارض لها، ومعارض أدبية متصلة بالقراءة، وغيرها من الفعاليات التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الكتب كوسيلة للإثراء الثقافي والتعليم.

اختارت «اليونسكو»، في عام 1995، الثالث والعشرين من إبريل/نيسان، تحديداً كي يكون يوماً عالمياً للقراءة؛ لأنه يصادف ذكرى ميلاد، أو وفاة، عدد من أهمّ عمالقة الأدب، ففيه توفي سرفانتس وويليام شكسبير وإنكا جارسيلاسو دي لا فيجا، إضافة إلى ذلك، وُلد فيه العديد من المؤلفين المتميزين. ويقال إن فكرة تخصيص يوم عالمي للقراءة تعود إلى الكاتب الإسباني فيسنتي كلافيل أندريس، الذي اقترحها في عام 1922 كوسيلة لتكريم مواطنه المؤلف ميجيل دي سرفانتس، وبعد أربع سنوات، أقيم الاحتفال الأول في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو عيد ميلاد سرفانتس، لكن تمّ تأجيله إلى 23 إبريل/نيسان، تاريخ وفاته في عام 1930.

وجميل أن يجمع هذا اليوم بين القراءة وحقوق المؤلف، وعن الأمرين قيل وكُتب الكثير، فلولا المؤلفون ما كانت الكتب قد كتبت، كي تتاح للقراء، ومنطقي أن يقترن تكريم القراءة بتكريم من أبدعوا ما نقرأ عبر التاريخ، وإليهم يعود الفضل في النهوض بالوعي الإنساني، وبناء الحضارات ورقي المجتمعات.

اختارت «اليونسكو» لليوم العالمي للقراءة هذا العام شعار «اقرأ على طريقتك»، وكأنها تحثّ على القراءة بصرف النظر عن طقوس هذه القراءة، فهي تختلف بين شخص وآخر، خاصة في ظلّ تنامي ثنائية الكتابين الورقي والرقمي، وعلى الرغم من محافظة الأول على موقع الصدارة حتى اليوم وتفضيل الغالبية له، فإن قطاعات ليست قليلة، خاصة من الأجيال الجديدة، باتت ميّالة للقراءة الرقمية.

بعيداً عن التفاصيل نقول: المهم أن نقرأ، وليس مهماً الطريقة، وفي كل الأحوال لا بد من خلق وتنمية شعورنا بالصداقة مع الكتب كي نحبّ القراءة.

لنقرأ هذه الجملة المعبرة للشاعر الأمريكي توماس إليوت: «إن الكتب هم الأصدقاء الأكثر قرباً، والمعلمون الأكثر صبراً»، ومثله يقول مارسيل بروست في كتابه «أيام القراءة»: «إذا اعتبرنا الكتب بمكانة أصدقاء، فإننا؛ إذ نقضي السهرة معهم، لا نفعل ذلك من باب الواجب أو ردّ الجميل، إننا نسهر مع القراءة، لأننا رغبنا في ذلك حقاً، ونحن لا نتركها في الغالب إلا آسفين».