• المعروف ان السلطة الاسلامية فى ايران منذ 1979 و لحد الان بيد جماعة متشددة من الناحية الفكرية و هم يردون ان يصدروا الثورة الاسلامية الشيعية الى المنطقة و العالم، و لكى يستطيعوا ان ينفذوا هذا المرام بداوا بالحرب مع العراق المجاور التى فيها الاكثرية الشيعية لكى يغدوا من عراقالى الدول الاخرى فى منطقة الشرق الاوسط و خاصة الدول الخليجية و على راسهم المملكة العربية السعودية الدولة الكبيرة و الراعى الاول و الكبير للمذهب السنى ،ولكن لم يستطيوا ان ينجحوا فى مختطهم هذا.وبعد 8 سنوات من حرب التى لا طائلة منه و بعد موت المرشد الاول و المؤسس لجمهورية الاسلامية الايرانية و القائد الاعلى للثورة الاسلامية اية الله خمينى فى عام 1989 و بعد ان اتاح بنظام الشاهنشاهى الذى عمره 2500 عام،بات المخاوف على مستقبل الجمهورية بعد غياب المؤسس الروحى للايران و صانع فكرة الوليه الفقيه و ثورتها الفتية اكبر، وبعد ان انتخب السيد خامنئى كمرشد الثانى للجمهورية و هو واحد من القادة الرئيسيين و المقربين من خط الامام خمينى بحكم منصبه كمرشد الثورة و القائد الاعلى للقوات المسلحة له كل الصلاحيات فى التعينات و التغيرات الاساسية و الكبيرة حتى فى منصب رئيس الجمهورية و القيادات العسكرية و الجيش و الغاء البرلمان و الحكومة ، باتت تظهر الصراعات الداخلية بين التيارات المتناحرة بشكل علنى و سرى فيما بينهم ، بين جبهتين اساسيتين هما الجبهة المرشد و المتشددين المحافظين على المبادىء الاساسية للثورة الاسلامية و عدم الانفتاح بوجه الغرب و امريكا و عدم التعاون و التنسيق مع الكيان الصهيونى و دولة اسرائيل و محاربة كل الدول السنية المذهبية العربيةومن شعاراتهم الرئيسية يقولون (( ايران جمهورية لا شرقية و لا غربية)) و(( امريكا هو الشيطان الاكبر)). و الجبهة الثانية هم الاصلاحيين و المنفتحين بقدر معلوم على التغيرات فى السياسات الدولية و بعد الحوادث الكبيرة فى المنطقة مثل احتلال العراق للكويت و تجمع الدولى ضد العراق لتحرير الكويت و اتيان القوات الكبيرة الدولية الى المنطقة و الغاء الاتحاد السوفيتى السابق على يد غورباتشوف فى 1991 و بدا النظام العالمى الجديد و تفكيك الدول و الجمهوريات داخل الاتحاد السوفيتى و ثورات الشعبية فى تلك البلدان و اعلان استقلالهم و اعلان امريكا نفسه كصاحب قرار الاول والاخير فى العالم و و بدا النظام العولمة و التطورات الكبيرة فى مجال التكنلوجيا و الانترنيت و مجال الاتصالات فى العالم و انتشار رياح التغيير و الحريات و الديمقراطية فى كل البلدان الاوروبا الشرقية و هدم جدار مابين المانيتين الشرقية و الغربية،كل هذه الحوادث و التغيرات الكبيرة اجبرت ايران و حكامها على قبول ولو على مضض بعض التغيرات تحت ضغظ السياسة الدولية الجديدة، و هكذا فقد اشتعلت نار الصراعات مابين سلطات و حكام و رؤوس التكتلات و التيارات السياسية داخل جمهورية الاسلاميةالايرانية.واقطاب الجبهة الاصلاح هم كل من على اكبر هاشمى رفسنجانى و محمد خاتمى و مهدى كروبى و حسين الموسوى و حسن روحانى و بالمقابل المرشد الاعلى للثورة خامنئى و على لاريجانى و احمدى نجاد و القيادات العسكرية و خاصة قيادات الحرس الثورى الايرانى هم من المتشددين و المحافظين ولم يقبلوا باراء و مقترحات و رؤيا جماعة الاصلاحيين و جماعة الخضر من حركة الخضراء بقيادة حسين الموسوى و مهدى الكروبى و هما الان تحت اقامة جبرية فى بيوتهم.

• وعلى اكبر هاشمى رفسنجانى هو واحد من المؤسسين و مقربين من امامالخمينى و لكن هو يريد ان تكون لايران علاقات قوية مع كل الدول الغربية و الشرقية معا لاستمرار عمر و تجربة الثورة فى ايران وهو يعرف جيدا ان ايران الاسلامية فى ظل حكم جماعة متشددة لا تستطيع ان تستمر فى الوجود لان سياسات الدولية لا تقبل بتلك السياسات و تريد نظاما مسالما فى داخلها و للدول الجوار وخاصة الدول الخليج العربية كمصدرين اساسيين للمصادر الطاقة من النفط و الغاز الطبيعى و الحلفاء الدائميين للغرب و سياساتها.و هاشمى رفسنجانى شخصية قوية داخل دائرة الحكم فى ايران و لمدة غير قصيرة مقربة جدا مع المرشد خامنئى و هما من اقرباء اية الله الخمينى و هما من خط الامام و هما فى نفس الجبهة ضد المعارضين لخط الامام مثل حسين منتظرى و غيره من القادة و المؤسسين للثورة و بتعاون مع بعضهما البعض استطاعوا ان ينجحوا على كل الحركات السياسية المعارضة مثل حركة مجاهدى خلق الايرانية بقيادة مسعود و مريم الرجوى و حركة تودة الماركسية الايرانية و الحركات الكردية فى كردستان الايران و استطاعوا ان يبقوا فى الحكم لمدة طويلة قرابة 37 عاما.

هاشمى رفسنجانى بحكم توليه مناصب عليا و مهمة من رئيس مجلس الشورى الايرانى لمدة 9 اعوام فى ثمانينات القرن الماضى و منصب رئيس الجمهورية لمدة 8 اعوام فى تسعينات القرن الماضى و مرشح قوى ضد احمدى نجاد للمرة الثالثة لرئاسة الجمهورية و لكن بسبب شعاراته الاصلاحية و تعاون الاطلاعات و الداخلية والحرس الثورى الايرانى لاحمدىنجاد لم ينجح فى الانتخابات و كذا منصبه فى مجلس رعاية مصلحة الجمهورية لاكثر من 10 سنوات و انتصاره الاخير فى انتخابات مجلس الخبراء فى العام المنصرم اعطاه زخما اكبر و قوة اكثر امام كل المحاولات الكبيرة لازاحته و ابعاده عن مسرح القوة و السلطة فى ايران.رفسنجانى واحد من رعاة الجبهة الاصلاحية و الاصلاحيين فى ايران و متهم بمساندةكما يقولون (( دعاة الفتنة )) و برحيله كرجل قوى و ذو شخصية محترمة ومهيبة فى اوساط الحكم فان حكم فى ايران تتجه الى تشدد اكثر من ذى قبل،لان الاصلاحيين فقدوا اكبر مساند و دعامة كبيرة لهم و لحركتهم المنتشرة فى كل الايران و صاحبة اكثرية الشعب الايرانى و خاصة الجيل الشباب، وخير دليل على تشدد الجماعة الباقية فى الحكم هو عدم قبول مشاركة محمد خاتمى رئيس الجمهورية السابقة فى مراسيم تشيع جثمان رفسنجانى و الصلاة عليه و ايضا عدم وجود الوجوه المعروفة للاصلاحيين كمهدى الكروبى و حسين الموسوى وغيرهم ومع ذلك ان الجمهور الكبير و المشارك فى تشييع رفسنجانى رددوا شعارت اصلاحية و الحرية للكروبى و الموسوى. وهذا خير دليل على شدة الصراعات الداخلية.

• وبالمناسة فان صحة المرشد الثورة الخامنئى ايضا ليس على ما يرام و ليس مسقرا فهو مصاب بمرض السرطان للبروستات و هو عمره اكثر من 77عاماو ايران فى هذه المرحلة الحرجة و الخطيرة تحتاج الى رجل قوى و ذو عقلية منفتحة و ذو حكمة و خبرة فى الحكم،اذا فقدت ايران لمرشدها الحالى فان ايران و نظامه السياسى و الاقتصادى و الامنى يتضررون كثيرا و يشهر كل التيارات و الكتل السياسية اسيافهم ضد البعض و الكل يحاول ان يكون له اليد العليا فى تخطيط و امساك باطراف الحكم فى ايران المستقبل، وايران بعد غياب و رحيل الرعيل الاول للثورة تتجه نحو تشدد اكثر من قيبل القيادات الموجودة حاليا و هم من قادة العسكريين التى لهم نزعة حب التسلط و الامتيازات الدنيوية بدل الدينية .

• واخيرا فان رحيل و موت المفاجىء لرفسنجانى خسارة كبيرة لنظام الحكم فى ايران و خاصة الاصلاحيين وتجربة رفسنجانى فى الحكم و صراعاته مع المرشد و جبهته المتشددة مثل تجربة الرئيس الوزراء الاسبق لشاه ناصرالدين القاجارى ميرزا محمد تقى خان الفرهانى الملقب ب(( امير الكبير)) و ابو الاصلاحات فى ايران فى ذاك الوقت ولكن بالنتيجة هو قتل على يد ازلام الشاه القاجارى بسبب مواقفه و ارائه الاصلاحية و الانفتاحيه على العالم و امريكا و بعد موته اندحرت القاجاريين و سلطانهم فى ايران و خسروا شخصية سياسية محنكة، و يمكن يحدث نفس الشيىء فى ايران بعد موت الرفسنجانى الراعى الحقيقى لحركة الاصلاحيين فى ايران لانه بمثابة امل كبير لكل الاصلاحيين.وتكون خطر المتشددين على ايران نفسها و الدول الجوار و خاصة الخليجية تكون اكبرا فى المستقبل فى ظل غياب عقلية و شخصيات مثل رفسنجانى و الخاتمى و غيرهم و تكون ايران بعد كل الصراعات الداخلية مرشحة للتفكيك و الاقتتال الداخلى و الشروع لعمليات الخارجية لبداء نشوب التدخلات فى شؤونها.

بموت رفسنجانى ايران تقبل على مرحلة جديدة و خطيرة و بموت مرشدها الحالى ايضا ايران تخسر من قوتها و هيبتها الداخلية و الاقليمية و الدولية و فى ظل غياب الرعيل الاول للثورة الاسلامية فان ايران لم تبقى جمهورية اسلامية فى روحها و سلوكهاو سياساتها الداخلية و الخارجية ، ولان الشعب الايرانى بكل مكوناتها الفارسية و الكردية و الازرية و البلوجية و التركمانية و العربية لم يقبلوا بحكم جماعة متشددة و متعصبة و هم يريدون حريات اكثر من الناحية القومية و المذهبية و هم يريدون نظاما شعبيا و شرعيا من قبل الشعوب الايرانية وانهم ياسوا من الحروب و الصراعات الداخلية و الاقليمية مع الدول المنطقة و تدخل ايران المذهبى فى كل الازمات و الحروب فى المنطقة مثل التدخلات الايرانية فى شؤون العراق و سوريا و لبنان و اليمن و مصر و البحرين و سلطنة عمان و غيرهم من الدول.هم يردون العيش الهنيء فى ظل حكومة و سلطة مسالمة و محايدة و صاحب افكار تقدمية و متطورة و ذو علاقات واسعة مع كل الدول الجوار فى المنطقة و العالم و يريدون نظاما حتى اسلامية ولكن منفتحة و غير مغلقة على نفسها.