يتذمر القادة الاسرائيليون مؤخرا من الوجود الايراني الذي حل مكان داعش في الحرب مع سورية ولكن على ما يبدو ان الاخطاء التي ارتكبتها اسرائيل في تعاملها مع الملف السوري هي التي اوصلت ايران على ابواب الجولان. كان يجب على اسرائيل ان تتدخل في الحرب في بداية الثورة والقضاء على الاسد. كان لدى اسرائيل فرصة للقضاء على هذه الطاغية قبل ان تسمح لداعش ان يحتل سورية وقبل التدخل الروسي الذي حقق النصر لبشار.

حقيقة الامر ان القادة الاسرائيليين لم يعوا انعكاسات التدخل الروسي وسقوط داعش. هذا التدخل الذي افترض به تحجيم النفوذ الإيراني ، نجح فقط في الساحل ، بينما اعتمد كليا على ميليشيات ايران في بقية المناطق وعندما استكمل تدمير وإخضاع داعش والحركات الارهابيةالمتطرفة ، قوض سياسة الاستنزاف وأهدى نصرا كبير للأسد وإيران التي استبدلت قوات داعش. 

عندما كانت الدول العربية تسعى للقضاء على اسرائيل عسكريا ، بحسب ايديولوجيتها القومية في زمن المد القومي ، عملت اسرائيل على تقوية قوتها العسكرية والاستخباراتية، وبعد عدة هزائم منكرة حاولت اسرائيل أن تعقد اتفاقيات سلام مع هذه الدول بواسطة ذات الأنظمة المستغرقة بالفساد والاستبداد ، ولكن عملية السلام الشكلي التي نجحت في مصر والأردن ، فشلت مع سوريا المحكومة من قبل أقلية طائفية لا تعطيها الشرعية لتوقيع مثل هذا الاتفاق التاريخي والتي أرادت ضمانات لبقائها في السلطة مقابل توقيع هكذا سلام حيث فشل لقاء كلينتون مع الأسد في نهاية القرن الماضي بالتوصل لاتفاق تاريخي مع الأسد الأب الذي كان يقترب من الموت . وتكونت قناعة عند الحكام في اسرائيل أن السلام مع سوريا بعيد المنال لكن المفاهيم التي ربطت اسرائيل مع نظام الاب بقيت على حالها مع نظام الابن وهي 
عدم المطالبة بتحرير الجولان من اسرائيل وفي المقابل حظي بضوء اخضر بالتدخل في شؤون لبنان وبدعم امريكي. بمعنى اخر ال الاسد باعوا الجولان مقابل كرسي الحكم وهكذا حرصت اسرائيل على دعمهم وعدم اسقاطهم. 

لكن بعد اندلاع الثورة السورية المباركة تغيرت المفاهيم وبدا الاسد يفقد قوته في الساحة وها هو الان يعطي الروس وإيران معظم المناطق السورية كغنيمة نتيجة تدخلهم الذي حقق له النصر.

فعندما فشل الأسد في القضاء على داعش واخواتهاسمح لحزب الله وإيران بالدخول لسوريا لاستنزافهم أيضا ، وهذا كانت نتائجه هو دمار الشعب السوري ، وتزايد عنف وقوة المتطرفين ، وهيمنة ايران وميليشياتها على مناطقالنظام . 
إن الإبقاء على بشار في السلطة سيعطي الفرصة لترسيخ النفوذ الإيراني ، وتوهم أن روسيا والأسد سوف يخرجون ايران من سوريا هو مجرد حلم ، وفي حال حدوث محاولات جدية من النظام وروسيا لإخراج ايران ، فإن ذلك سيضع ايران في خندق معاداة الأسد وسيهيء الأرضية لتحالف ايران مع المنظمات السنية المتطرفة وفق نموذج حماس حزب الله، ضمن خيمة التفاهم التركي الإيراني وعرابه الإخوان المسلمون الذين تربطهم علاقات وطيدة مع الخميني الذي استفاد من خبراتهم وأدبياتهم وبشكل خاص حسن البنا وسيد قطب ، وهذا أكبر خطر وجودي على إسرائيل ، تقوم هي بيدها بصناعته لذلك يجب على اسرائيل التخلص من بشار الاسد بأي طريقة ممكنة حتى لو استغرق الامراغتياله لان اي رئيس سوري سيحكم سورية بعد الاسد سيكون بالطبع معادي لإيران ولحزب الله ان نظام الاسد بعد ان خدم في الماضي هو وأبيه مصالح اسرائيل طوال اربع عقود بات يشكل الان تهديدا على امنها القومي.

كاتب ومحلل سياسي اسرائيلي