بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، نستطيع القول ان المنطقة دخلت مرحلة جديدة. منذ سنوات بعيد انطلاق الثورة السورية،ووضوح الموقف الاوبامي، اسميت هذا الموقف بتأهيل الجريمة في المنطقة ككل، وليس في سورية وحسب.
تاهيل الجريمة اعتمادا على القوة العارية بالدرجة الأولى او القوة الفائضة حتى، من أي نفاق أخلاقي او حقوقي. هكذا هي بكل الصلف والعنجهية. تأهيل الجريمة يوضح ان أمريكا من القوة بحيث لا تحتاج الى مثل هذا الغطاء المنافق. الذي يتبجح بحقوق الانسان وإنقاذ الشعوب من جرائم الطغاة. الطغاة هم جزء من السيطرة الامريكية العارية على المنطقة. الجديد في الموضوع أن أمريكا استخدمت ايران وروسيا وحزب الله في مقتلة العصر سواء في سورية او في اليمن. حيث اطلقت إدارة أوباما العنان لتدفق القاعدة ودخولها سورية، بنفس الوقت اطلقت ايدي ايران وجحافلها، ثم روسيا بوتين لقتل حلم السوريين بحريتهم من نظام قاتل. ليقتل أبناء المنطقة بعضهم بعضا. ايران الان تشعر بفائض قوة، كانت تردد خلاله، ان جحافلها قادمة لقتل السوريين وهي في طريقها للقدس.
"قرار ترامب حول القدس لا يعدو عن كونه عملية غسيل أموال. غسيل مواقف سياسية وتبييض صفحة الديكتاتوريات المأزومة والفاسدة في المنطقة. إعادة الملف الفلسطيني للصدارة بهذا الشكل المفاجئ يعني بالضبط:أن الموقف من القدس هو معيار الوطنية والقومية والالتزام بقضايا الشعوب. ما يعني تنحية بقية المطالب والأهداف الأخرى كالعدالة والحرية والمساواة والمواطنة" ذلك في سبيل المعركة الكبرى القدس!! مطلب القدس ليدفن مطلبالحرية والمواطنة ودولة القانون. بناء أرضية جديدة وفعالة للتطرف والإرهاب. بعدما انتهت تيمة" دولة الخلافة"القاعدية. بناء أرضية للخطاب الإيراني الفاشي وخطاب النظم الطاغية. حتى السيد اردوغان الذي يحاول امتصاص الديمقراطية التركية، صرخ باعلى صوته: القدس خط احمر.كما صرخ من قبل حماة خط احمر، فذهبت حلب. 
النخب المعارضة او ما تسمى كذلك في دول المنطقة، للأسف لم تقرأ لحظة سقوط السوفييت وما بعدها جيدا. ان العالم صار أمريكيا. تشعر ان موضوع القدس جاء لهذه النخب أيضا، كي تشرعن من جديد خطابها الخشبي. يتوسد الطغاة من جديد لفعل شيئ ما من اجل القدس. نخب تتوسد متنازعة فيما بينها هذا الطاغية او ذاك. منها من اعتبر ان الربيع العربي مؤامرة، والان تجده في المقدمة في قضية القدس. هذا ليس تباكيا على سقوط السوفييت، لان دول بلاحرية ستسقط حتما. بل لمعرفة ماذا كانت أمريكا قبل السقوط، وماذا عنى السقوط وما بعده. منهم من رمى العباءة على اكتاف الأسد القاتل. يدعو لتظاهرات في عمان من اجل القدس!!
اعتقد ان المرحوم مطاع صفدي ربما الوحيد من المفكرينالعرب، الذي تحدث في بداية الثمانينيات عما سماه امركة العالم. للأسف هذه النخب لم تنتبه لما يجري. امركة العالم لا تعني سيطرة خارجية على منطقة الشرق الأوسط او غيرها،بل تعني هيمنة جوانية أيضا. في كل دولة ركيزة أمريكية باتت مجتمعية أيضا. إضافة للنخب الحاكمة. طرفان وان تعارضا يخوضان معاركهما في ملعب أعدته أمريكا على مدار عقود، من تراكم السيطرة والهيمنة. وجود السوفييت كان يضطر القرار الأمريكي للغطاء الحقوقي انساني. من يتابع الدراما والمشهد الهوليودي في تملق الحالة الإسرائيلية، يجد ان قرار ترامب في جعل القدس عاصمة ابدية لإسرائيل قد تأخر. هذه المرحلة الجديدة تتطلب من النخب وخاصة الفلسطينية، ان تعيد قراءة المشهد من جديد،بعيدا عن اية طاغية وقريبا من امركة المنطقة. حيث لا حل الابدولة واحدة عاصمتها القدس. دون ذلك ستحول حماس غزة لامارة إيرانية، والضفة تبقى مدن وقرى مبعثرة. ربما يتم تسوية وضعها لاحقا مع الأردن. القدس في الفارق لدى الفلسطيني في 48 بجواز سفره الاسرائيلي، وبين الفلسطيني بجوازه العباسي او الحماسي. اسباغ القدس طابع مقدس لا يفيد لانها ليست اسلامية فقط. القدس فلسطينية: كان فيها اليهودي والمسيحي والمسلم. القدس كاي مدينة محتلة اخرى. القدس يجب تخليصها من كافة انظمة الشرق الاوسط. القرار لاهلها في النهاية، حيث لا طريق الى القدس الا عبرهم. كيف؟ هذه مهمة النخب الفلسطينية أولا وأخيرا. حل الدولة الواحدة هو المطلوب كما ازعم. من وقف مع جرائم الأسد لايحق له الحديث عن القدس لانه كاذب. انها مرحلة جديدة من تأهيل الجريمة على مستوى العالم.