منذ تولي "معاوية" السلطة السياسية عام 41 هجرية، ظهر في قاموس السلطة السياسية مفهوم جديد للشرعية غير المفهوم الذي كان سائدا خلال فترة الخلافة الراشدة. المفهوم الجديد للشرعية عمل على تعزيز سلطة الحاكم وتقليص سلطة الأمة. ومع مرور الوقت تحول الكثير من رجال الدين الى فريق داعم لمبدأ "الأمر الواقع" بحجة درء الفتن، وتحولت النصوص الدينية الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر شاملة الكثير من مناحي الحياة عدا سطلة الحاكم، بل وصل الأمر الى اخطر من ذلك، حيث افتى بعض وعاظ السلاطين بأنه "لا ينخلع الإمام – أي الحاكم – بفسقه وظلمه وبغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود، ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه، وترك طاعته في شيء مما يدعوا اليه من معاصي الله". كما اسقطوا عن الحاكم وجوب العدالة والعلم.
يقول "الباجوري" في طرق تعيين الإمام (الحاكم): "ثالثها: استيلاء شخص مسلم ذي شوكة متغلب على الإمامة ولو كان غير أهل لها، كصبي وإمرأة وفاسق وجاهل، فتنعقد إمامته لينظم شمل المسلمين، وتنفذ احكامه بالضرورة". 
اليكم هذه القائمة من الأحاديث المنسوبة كذبا للرسول (ص) التي لا يقرها العقل ولا يقبلها المنطق السليم، الموجودة في منظومتنا الدينية التراثية لتعزيز سلطة الحاكم وتدجين الشعوب:
"يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال "حذيفة"، قلت: كيف اصنع يا رسول الله ان أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع وان ضرب ظهرك واخذ مالك، فاسمع واطع". (رواه مسلم).
"من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس من أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية". (رواه ابن عباس).
"عن أبي هريرة، عن النبي (ص) انه قال: من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة او يدعوا لعصبة او ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا ينحاش عن مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه". 
"عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر الى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر موقعة الحرة ما كان من "يزيد بن معاوية" فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديث سمعته من رسول الله (ص) يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية". (كتب التاريخ تتحدث ان في هذه الموقعة بالت وراثت الخيول في المسجد النبوي الشريف، وقتل حوالي 4500 رجل، وفضت بكارة ألف فتاة). كل هذه الجرائم التي تقشعر لها الأبدان لا تبرر خلع الحاكم من وجهة نظر من يدعون زورا انهم حماة الدين. 
اليكم كذلك طائفة من اقوال بعض وعاظ السلاطين:
"نصح الإمام ولزوم طاعته واتباع أمره ونهيه في السر والجهر فرض واجب لا يتم إيمان إلا به، ولا يثبت إسلام إلا عليه".
"من تعرض للسلطان أرداه، ومن تطامن له تخطاه، واذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما، وإذا جعلك عبدا فاجعله ربًا".
"اذا كان الإمام – أي الحاكم – عادلا فله الأجر وعليك الشكر، واذا كان جائرا فعليه الوزر وعليك الصبر".
"سلطان تخافه الرعية، خير للرعية من سلطان يخافها".
إن مسألة البيعة وربطها بأحكام الدين قد تم استغلالها بطريقة لا تضمن فقط للحاكم بقاءه في الحكم طيلة حياته، بل كذلك اعطته الحق في تعيين من يرثه في الحكم بعد وفاته. البيعة أصبحت إرهابا فكريا ورادعا قويا ضد استحداث وتطوير آليات للحكم لا تتعارض مع الدين، بل تطور وسائل إنسانية وفكرية كالدستور الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وحق الناس في اختيار من يحكمهم، وحقهم في خلعه سلميا اذا خالف مبادئ الدستور. 
نحن نعيش في عصر تحول فيه الكثير من دعاة الدين والتدين إلى متاجرين في الدين، لا يقولون إلا ما يرضي الحكام، ولا همً لهم إلا التغطية على فسادهم وظلمهم، وتبرير تحالفاتهم مع الاعداء. وقد توعد الله وعاظ السلاطين وتجار الدين بالويل، حيث قال في كتابه الحكيم:" فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ".