البدء بممارسة السياسة ودمجها في الدين خطأ قاتل ارتكبه حزب العدالة والتنمية الحاكم لتركيا ، وهو ما اعتبرته واشنطن بداية المواجهة لمشاريعها ، فحين بدأ ما سمي ( الربيع العربي ) بدأت تركيا بالعمل السياسي من خلال التطرف الديني واندمجت داخل الثورة المصرية ضد نظام حسني مبارك في 25 يناير 2011 من خلال أسلمة الثورة ودعم الاخوان المسلمين بالتشارك مع قطر صاحبة التمويل ، ذاك التدخل الذي أدى الى اعادة النظام الحاكم للسلطة وبرغبة شعبية مع قيادات الشباب اصحاب الثورة خوفا من بقاء الاخوان وتسيير الدولة وفق شريعتهم المزعومة انها اسلامية ، مما يدل بان دعم الاخوان المسلمين كان الهدف منه افشال الثورة وبالتالي قدمت تركيا وقطر خدمة لأمريكا واسرائيل بإعادة النظام السابق للحكم وبلعبة دبلوماسية والبقاء على التفاهمات المبرمة فيما يخص عملية السلام مع تل أبيب ، واعتقدا انهم داخل الحلبة السياسية ويخوضون معركة شرسة ومُخيرين ، لكن الوقائع أظهرت انهم مٌسيرين ولعبة بيد القوى العظمى صاحبة المصالح الاقوى في الشرق الاوسط .

في سوريا نفس المبدأ تماما دعم اردوغان المعارضة الاسلامية المتشددة من خلال النصرة وداعش والاخوان المسلمين ( وباعتراف صريح من بعض مسؤولي الاتحاد الاوروبي )وتكررت العملية مرة أخرى ، افشال الثورة السورية ايضا حتى باتت المعارضة مجرد بيادق تتحرك كيفما تأتيها الاوامر من الدولة التركية ، اذاً اعادة النظام السوري الى موقعه وبوجوه جديدة تلك خدمة لإسرائيل ايضاً ، فنظام البعث السوري حافظ على السلام مع إسرائيل طوال عقود مضت ، وذهب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى ابعد من ذلك من خلال تحالفه مع الروس في الملف السوري ، فالمعادلة السياسية الدولية توضح بانه لا يوجد صديق لأمريكا وروسيا في ان واحد ،اما ان تكون صديق امريكا وعدو الروس واما العكس صحيح ولا خيار ثالث ، وهنا تأكد تماما ان امريكا اجبرت اردوغان الى الظهور كخصم ودون ان يشعر بذلك ، ومن هذه المعطيات يعود مشهد غورباتشوف الى الواجهة من جديد حين أدعى بعملية اصلاح الاتحاد السوفيتي وكان اصلاحه هو تفتيت الاتحاد عام 1991، وهو نفس الدور الذي يلعبه اردوغان لانهيار الدولة التركية ، وتمسكه وجبروته في محاربة الكرد حلفاء الولايات المتحدة الامريكية والتحالف الدولي ضد الارهاب جلب قوات عسكرية أمريكية مع اسلحة ثقيلة الى داخل الاراضي السورية وفي موازاة الحدود التركية ، ومعظم تحركات امريكا جاءت وفق شرعية دولية منحتها لهم تركيا من خلال سياستها العدائية ، وبالتالي بداية انهيارها وتقسيمها بات في جدول راسمي خارطة الطريق ، وستكون تركيا بعد

السوفييت هي ثاني دولة عظمى في الشرق الاوسط يتم التخطيط لإسقاطها وهذا من احد اهم اسباب دعم واشنطن للأكراد وبالذات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الحليف لحزب العمال الكردستاني المعارض الاساسي لحكومة العدالة والتنمية ، والى حين تحديد المكان والزمان بالاتجاه نحو اسقاط ايران والقضاء على تطرفها وسياستها في خلق الصراع الطائفي ستستخدم امريكا ايضا الكرد وإعادة جمهوريتهم الكردستانية مهاباد التي اسقطها الفرس بالتنسيق مع الروس عام 1946، فتركيا وايران مارستا ابشع اساليب القتل والدمار بحق الشعب الكردي على مر العصور، ولأسقاطهم سيدفع الكرد المزيد من الدمار لتحرير انفسهم واعلان دولتهم وبالسلاح الامريكي ، وستكون الشرق الاوسط قد غيرت البوصلة تماما واصبحت مماليك واقاليم ودول جديدة و زوال دول ، وستدفع شعوب الشرق الاوسط الضريبة على آمل ان تكون نهاية المآساة والبدء بثقافة العيش المشترك وقبل كل شيء ثقافة ان الحياة هي الانسان .

كاتب ومحلل سياسي كردي