كتبت مقالتي السابقة " الإرهاب المقدس" قبل الحدث الأليم الثالث خلال شهرين فقط على مسيحيي مصر بعد كنيستي الإسكندرية وطنطا؟؟ ومرة اخرى يؤكد إستهداف المسيحيين فيها.. ترى من ألوم ومن يتحمل مسؤولية هذا الإرهاب البشع الذي يستهدف حتى بيوت الآمنين كما حدث لمسيحيي العريش؟ هل أبدأ بفقهاء السوء وكتب التراث والبخاري؟؟؟ هل ألوم المؤسسة الدينية المتمثلة في الأزهر المقتصر الإلتحاق بها على المسلمين فقط. ولا زال ’يدرس في جامعته فقة الذمي وفقه الولاء والبراء وفقه الجهاد! ولا يزال متشبث ويرفض رفضا قاطعا مناداة الرئيس لتجديد الخطاب الديني سواء على الصعيد الإجتماعي بما يختص بحقوق المرأة وعلى الصعيد السياسي الأمني فيما يختص بالمواطنين الذين لا يزالوان ’يدعون بأهل الذمة.
هل ألوم الحكومة وإن كنت أعرف أنه تقصير غير متعمد, على قصورها بوضع إستراتيجية متكاملة حين شددت قواتها الأمنية على تأمين الكنائس ولم يفطن جهازها الأمني لحماية خط سيرهم المعروف لرحلاتهم الدينية.. خاصة بعد تهديد التنظيم الداعشي بإستهدافهم وبعد التأكد من وجود خلاياه الحية في سيناء والنائمه في كل أرجاء مصر. 

ضرب التنظيم والقضاء عليه لا تقتصر على خارج البلاد ولا تقتصر على الجهة الغربية. بل يحتاج إلى إستراتيجية متكامله ومتلازمة في نفس الوقت للقضاء عليه في الداخل وفي الخارج.. نعم إستطاع التنظيم الوصول وإيجاد موطىء له في الصحراء الغربية ولكنه موجود أيضا سواء تحت إسم الإخوان أم النور أم داعش أم أي إسم ديني آخر في كل أرجاء مصر ويتمدد من خلال التكنولوجيا الحديثة إلى كل المنطقة العربية.. وخطره يتمثل في وجود تمثيل حزبي لتنظيمات في البرلمان سواء المصري ( حزب النور السلفي ) أو الدول العربية الأخرى ( الإخوان المسلمين ). نعم إستطاع إستقطاب الكثير من الشباب الذين إنضموا إلى صفوفه وخلاياه ليس بدافع الفقر وحده, فنظرة واحدة لأغنياء الإخوان والسلفيين وغيرهم تكفي لكشف حقيقة إنعدام العدالة في تنظيماته.. وبينما يحظى أبناء قادته بالمال والسلطة يرمي آبائهم أبناء الآخرين في الجحيم؟؟؟ الإستقطاب بدافع عقائدي روّج له شيوخ من كل المنطقة العربية حين جعلوا تكفير المختلف دينيا جزء من العقيدة وأصبح جزء أصيل من الثقافة الدينية للعوام الذين لا يحظون بالتعليم ولا يملكون خلفية فكرية ’تمكنهم من البحث والتقصي للموروثات والخرافات بحيث أصبحت متأصله في التفكير الجمعي وهم من يمثلون النسبة الأكبر في كل المجتمعات العربية؟؟؟ الدعاة الذين زيفوا وغسلوا العقل حين أحيوا مقولات مثل "لا يؤخذ المسلم بكافر". بما يعني الدعوة المقدسة العامة لإستباحة أرواح وممتلكات المختلفين دينيا؟؟ وإعطاء الرخصة والأمان لكل مسلم يقوم بقتل الآخر وجعله فوق القانون؟؟ غير ’مكترث بالضحايا مهما كانوا أطفالا, نساء شيوخ رجال جعلوهم تضحية وإحتفال بقدوم رمضان.. تماما كما كانت تضحيتهم بشهداء الكنيسة البطرسية متزامنا مع الإحتفال بالمولد النبوي؟؟..’ترى هل كان سلب هؤلاء الضحايا تنفيذا لدفع جزيتهم وإهانتهم وإذلالهم قبل قتلهم بعد أن رفضوا التحول إلى الإسلام؟ 
نعم أعرف أن لغتي قاسية ولكن ’معاناتي من الجرح أقسى من عباراتي.. 
سمعت تعليق أحد الصحفيين المصريين بالأمس وهو يتفادى الإجابة على سؤال المذيع عن دور الخطاب الديني فيما حدث للمسيحيين. وهو يقول وتفاديا للإعتراف بدور الخطاب الديني بالقول " تفاديا لحصول مثل هذه الأحداث فإن على الأقباط أن لا يخرجوا جماعات " آلمني عدم الصدق وعدم الإعتراف الصادق بهذا الدور الذي تفوّق على القصور الحكومي في حماية الوطن والمواطنين.
لم يعد يكفي معالجة الأعراض فقط. لم يعد يكفي تسطيح الأمور.. هناك مسؤولية تقع على عاتق الجميع وعلى رأسها المؤسسات الدينية التي جذرت على مدى الأربعين عام لتناسل حواضن فكرية وثقافية تمد التطرف بأسباب البقاء! عليها تقع المسؤولية الكبرى في تجديد الخطاب الديني والتحدي لكل ما من شأنه التفريق بيننا كبشر متساوون في الواجبات ولكن أيضا متساوون في الحقوق. وإتخاذ الخطوات الحاسمة في محاربة الأفكار الإقصائية بالتأكيد على مساواتنا الإنسانية..لتحصين المجتمعات لتقف ضد الإرهاب مهما كان متلحفا بالنص والتأكيد بأنه ليس هناك أية روحانية ’تستخلص من هذه النصوص لأنها كانت صالحة لزمانها وليس للزمان الآني.. 
يقابلها وعلى نفس المستوى الحكومي. إستحداث نظام تعليمي ومناهج تتوافق مع القيم العالمية وقيم حقوق الإنسان والخروج من الإستعلاء وتحديث كل القوانين المجتمعية لتتوافق مع الشرائع العالمية والحقوق الغير ’منتقصة تبعا للجنس او العرق أو الدين لأننا بشر من حقنا الخيار ومن حقنا الحياة الامنة ومن حقنا حماية مستقبل أطفالنا.

تعزيتي لكل من فقد عزيز في هذه الجريمة وكل الجرائم السابقة وتعزيتي لمن ’قتل أو ’سجن من الأشراف الذين حاولوا تنوير العقل المسلم بدءا بالدكتور طه حسين الذي بدأ محاولة التنوير في كتابه الشهير "الشعر الجاهلي" الذي أصدره عام 1923 ونادى فيه بإعادة النظر في التاريخ وشككل في الكثير من الثوابت.... وتبقى تعزيتي أيضا لمصر إن إستمر الحال على ما هو عليه.