يحاول رئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته بالترويج لشعار الإستقلال وتأسيس الدولة الكردية المزعومة إستغفال شعبه وإشغاله عن التفكير بهمومه وأزماته المستفحلة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.لذلك ليس مستغربا أن يصدح حزبه منذ كارثة قطع رواتب الموظفين الى الربع، بنغمة الإستفتاء وتأسيس الدولة بين فينة وأخرى.فمع فشل سياسته الإقتصادية الكارثية، وإفقار الشعب الى حد التسول، وخسران الكثير من القضايا القانونية التي رفعتها شركات النفط وبالأخص شركة"دانا غاز"الإماراتية والتي حصلت على تعويضات بمليارات الدولارات نتيجة أخطاء وزير الموارد النفطية آشتي هورامي ورئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني، وما ينتظره الإقليم من دعاوى أخرى من الشركة ذاتها والتي تطالب بأكثر من 25 مليار دولار أخرى كتعويضات من حكومة الإقليم، يظهر بين الحين والآخر مسؤولو هذا الحزب ليروجوا لشعار الإنفصال وتأسيس الدولة للإستهلاك المحلي..ولا أدري كيف تقوم لدولة ناشئة قيامة وخزينتها خاوية على عروشها، وترزح تحت ثقل ديون خارجية تقرب من خمسين مليار دولار.؟!

على كل حال ليس هذا هو هدف مقالتنا هذه، بل الهدف هو ما يروجه حزب بارزاني من مسألة الإستقلال الكاذبة لإشغال الشعب عن همومه الأساسية. وآخر لعباته بهذا الصدد هو إرسال وفد من الحزب برئاسة نجل بارزاني مسرور رئيس الجهاز المخابراتي للحزب والدكتور فؤاد حسين الى اميركا بصحبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان..وبحسب مصادر عليمة فإن الزيارة كانت لتحقيق ثلاثة أهداف وهي، أولا الحصول على موافقة أمريكا لتنظيم الإستفتاء المزمع إجراؤه في كردستان بحلول نهاية العام الجاري.. والثاني معرفة رأي الإدارة الأمريكية حول إنفصال الإقليم من العراق.والثالث هو تنظيم زيارة لمسعود بارزاني الى أمريكا وإستقباله من قبل الرئيس دونالد ترامب..وبحسب المصادر ذاتها، فإن أمريكا أبلغت الوفد الكردي، بأن الإستفتاء غير مقبول في ظل الوضع الإقليمي والدولي والمحلي المتأزم حاليا بكردستان. أما مسألة الإنفصال فإن الأمر يعود لقرار الشعب الكردي، ولكن الإدارة الأمريكية لاتعتقد بأن الظروف الحالية مناسبة لهكذا قرار..والثالث وهو زيارة مسعود بارزاني الى أمريكا، فإن الأمر حسب الإدارة الأمريكية منوط بالحكومة العراقية لأن إقليم كردستان تابع للحكومة الإتحادية وعلى بارزاني أن يستحصل موافقتها كشرط لقبول زيارته!

 هذه اللاءات الثلاث تشكل ضربة قاصمة لسياسات حزب بارزاني غير المنطقية، وتفند تماما كل الإدعاءات التي يروجها هذا الحزب بأن أمريكا معنا وبأن هناك أكثر من 100 دولة بالعالم تنتظر بشغف بالغ إعلان بارزاني لدولته المستقلة؟!.

المأزق الذي وضع حزب بارزاني نفسه فيه لايمكن الخروج منه إلا باللجوء الى التوافق الداخلي، فبدلا من خلق الأوهام وتسويق شعارات زائفة لكسب التعاطف الشعبي، ينبغي عليه أولا أن يعود الى رشده ويتقدم بمبادرات جدية لتفعيل البرلمان المعطل بكردستان،وحل الحكومة الفاشلة الحالية ووقف سياسته النفطية المدمرة،وإعادة تنظيم رواتب الموظفين وتوفير الأموال اللازمة لتشغيل المشاريع الخدمية مثل الكهرباء وتوفير المياه الصالحة للشرب وتأمين الدواء للمرضى،فقبل أيام راجعت عيادة حكومية ووجدت هناك عشرات المرضى المسنين من المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم وغيرها ينتظرون في طوابير طويلة لتسلم أدوية مخفضة الأسعار دون جدوى، حيث أبلغوا بأن المستشفيات خالية من تلك الأدوية وعليهم أن يحصلوا عليها من الصيدليات الخارجية والتي تكلف ضعف رواتبهم المتدنية أصلا..

إن أي سلطة أو حكومة لاتستطيع أن توفر الكهرباء والمياه والأدوية لشعبها، لا تستحق سوى صب اللعنة عليها، فإذا كان هذا هو حال الحكومة التي تبيع شهريا أكثر من 18 مليون برميل من النفط شهريا، فكيف يريد حزب بارزاني أن نرحب بدولته المستقلة في ظل عصابات المافيا التي لاتشبع من السرقات من قوت الشعب؟!