إمتحان عصر الحقيقة ودقتها عسير على النفس البشرية ويمر بمضايقات، بعضنا يتقبلها برضى وبعضنا يرفضها ويغض نظره عنها. دول تستند على التحالفات والمؤسسة العراقية تستند على الأنقسامات، بل وتتباهى بها. ولاتهمني شجاعة من يقود أجيج الحرب بل يهمني من يطفئ نارها وينتصر لشعبه. الدولة العراقية وبعد مجادلات عقيمة بين قادتها إرتأت أنها عاجزة ولاتستطيع تأمين الطريق التجاري الدولي بين بغداد والحدود الأردنية البالغ طوله 420 كيلو متراً إلا بأبناء العشائر وعرضت بعد الفلشل عملية تأمينه بإدخال الجانب الأميركي بعقد مع الشركة الأمنية الأميركية اولف لتأمين الطريق الدولي السريع في الأنبار وتعهد الشركة بإكساء الطريق الدولي وحمايته. وتأتي الأنفجارات الرمضانية وقتل الأبرياء في العاصمة بغداد ومدينة هيت في الأنبار تأكيد على ذلك. 

 أبناء عشائر الأنبار قرب الطريق الدولي 
في الأديان السماوية إستحسان لَما أنزله الرب على البشرية من كتب تنير وترشد عقل الأنسان للعلم. ولانستطيع تجنب القيم الأخلاقية التي وردت في التوراة والأنجيل والقرآن التي تميّزنا عن الحيوانات الضارية المتوحشة. 
جوهرالحقيقة الأنسانية اليوم يعيش مضايقات ظلامية " إن صح التعبير ". هذ المضايقات هي إرباك مقصود، تُشارك به وتشدد عليه أعتى القوى الأعلامية في العالم. ففي الظلام الدامس يقود الراعي الأعمى قطيع الأغنام وبإنتظار إشراقة الشمس.......ويبقى الظلام والتعثر وسوء الرؤية. في هذا الظلام الدامس تقود المؤسسة الوظيفية العراقية أعمالها، ويرتعب الشيعة من أفكار وسلوكية السُنة، ويرتعب السُنة من أفكار وسلوكية الشيعة، ويرتعب الأكراد من بعضهم، وكل الاطراف الشكوكة ببعضها تركت صراع ألف وأربعمائة سنة يتغلب عليهم ويتحكم بهم قادة دول أجنبية والعقود الموضوعة لهم بعد ضياع وفقدان أرادتهم ووطنهم. 

فالأعمى عن الحقيقة البشرية جاهر بمعتقده دعوة قتل الكفار وهو كافر لايتبين ولايدرك كفره وكراهيته للأديان والبشرية....وهذه الظاهرة موجودة في كل الأديان وخاصة تلك التي قادت شعوباً الى العبودية ونقل الرقيق من أفريقيا الى أمريكا الشمالية وإستعمار أرض الغير وإستغلال سكانها، ودول مقيدة مجبرة على الخضوع والأستسلام، ومعتقدات دينية مشوهة قادت الحروب الأوروبية والأمريكية العنصرية وصنع أدوات الدمار " القنبلة النووية والجرثومية والكيمياوية " وإستخدامها خير دليل. 

دول شرق أوسطية عربية وإسلامية، طالما حاولت الخروج من حلقة الضغوط والقيود ونوعية المضايقات السياسية وسطوتها التي أشغلتنا بها الحكومات البريطانية الفرنسية الأمريكية وبينت لحكامنا وقادتنا بجمع الدليل الزائف والحقيقي معاً، أننا لاتستطيع الحفاظ على كياننا المستقل دون سياسة وجودهم على أرضنا وتعليمنا مبادئ حياتية. وهذا التزيف المخلوط بالحقيقة يتم دراسته وتدريسه وتقييمه في معاهد دولية سياسية عديدة. 

ولأول مرة يصرح دونالد ترامب رئيس أقوى جبروت دولة في العالم، يصرح علناً قبل وبعد قمة الرياض الاخيرة، بالحذر من الأخبار المزيفة " Fake News " التي تصدر من وكالات الأنباء الأمريكية وقنواتها التلفزيونية لكونها عارية عن الصحة. هذا هو عالمنا اليوم المنغمس في البحث عن نسب الحقيقة المخلوطة عمداً وبمهارة مع الزيف والكذب والتملق كي نبقى لأنفسنا فكرة ( أنا وأنت والحقيقة ). 

معطيات الأعلام المضلل مخيفة بطلاسمها وجبروت معتقداتها ونشراتها وتشويهها لحقائق العصر الحالي والقرون التي سبقته. 
وعند عصر حقيقة هذه الضغوط والقيود فأننا نشير الى أنها لاتمرر على الجيل الحالي المطلع وغير المطلع. فالرئيس الفرنسي الجديد المنتخب إيمانويل ماكرون وعمره 39 عاماً لم يستطع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الضغط عليه لإلتزامات مالية جديدة تتعلق بحلف شمال الأطلسي، كما لم يستطع الرئيس الفرنسي إقناع ترمب من عدم الأنسحاب من إتفاقية باريس الدولية المتعلقة بالأحتباس الحراري وتغيّر المناخ والتلوث البيئي الذي يضم أكثر من 192 دولة. فكل دولة تحرص على مصالحها ومايوفر لها من الدخل القومي السنوي وتحرص على تصاعد نسبي في الوظائف والمعيشة. 

إبتعادنا عن الحقيقة العلمية جعلت عدة وزارات عراقية عاجزة عن مواصلة حتى النسبة الضئيلة من التقدم البيئي والتكنولوجي الحقيقي بوتيرة ثابتة مع أن موظفي أجهزة الدولة تبث وتبعثرفي أحاديثها ونشراتها " إنجازات " لاتصل نسبتها العشرة بالمئة من مناهجها المعلنة. في عالم المال والخبرة والصناعة والطب و السياسة والدين تتداخل معطيات مفروضة على واقعنا الحقيقي في العراق. التقصير في التوجه العلمي الصحيح ظاهر في وزارة الكهرباء والمالية والصحة والصناعة والنفط والمواصلات والدفاع وغيرها، ولم تصل التقصيرات في أي عهد من العهود السابقة الى هذا المستوى من الأنحطاط والتخلف عن سباق معاصرة العصر. من قال لهم أننا في عصر المولدات الكهربائية الخربة الموضوعة في الشوارع وبعثرة ربط أسلاك كهربائية والعالم في عصر الطاقة للمفاعلات النووية؟ لماذا التوقف والجمود؟ التقدم العلمي أبعدَ العائلة برمتها من أب وأم وأولاد وبنات من ركوب الجمال للتنقل وزودهم ركوب سيارات وباصات عصرية. وعوض العلم الثلاجات الخشبية بالثلاجات الكهربائية. آمل أن لاتكون الأجابة بأننا في حالة حرب مع داعش الخلافة وروادها المؤمنين. 

كاتب وباحث سياسي