هجوم غير متوقع وعنيف من العيار الثقيل شنه رئيس البرلمان العراقي المحسوب على الاخوان المسلمين "سليم الجبوري" على غير عادته على مشروع الاستقلال الذي طرحه الكرد وكذلك على خصومه السياسيين السنة الذين ينافسونه في المنصب وزعامة المكون السني بوجه خاص في المؤتمر الذي اعده واخرجه وموله التحالف الوطني الشيعي الحاكم ل "الاخوة" التركمان في الشهر الفائت لبحث دورهم في العراق القادم تحت مسمى(مستقبل التركمان في عراق موحد) والعجيب ان المؤتمرين تحدثوا عن كل شيء الا عن حقوق التركمان ومستقبلهم و موقعهم على خارطة العراق السياسية، وعن اطلاق بعض الاشادات بتضحياتهم ودورهم في بناء العراق الجديد و (لاتوجد هناك عراق بدون التركمان ) و (ان التركمان مكون اصيل في العراق) ومكانة شهدائهم (.. الذين قدموا ارواحهم الزكية من اجل هذا الوطن!) كلام انشائي من هذا القبيل، و يبدو ان زعيم التحالف الوطني "عمار الحكيم" قد اعد المؤتمر لتحقيق هدف واحد وهو ايصال رسالة من التحالف الوطني الذي تضم في طياته كل الاحزاب الشيعية، الى اقليم كردستان ورئيسه "مسعودبارزاني" مفادها انهم يرفضون رفضا قاطعا كل المحاولات الكردية التي تؤدي الى الانفصال وتقسيم العراق ليس حبا لسواد عيون العراقيين طبعا، فهم من اذاقوهم الذل والهوان وافقروهم وجعلوهم من اتعس وافشل شعوب الارض قاطبة، وهم من يتحملون مسؤولية تفكيك اواصر العلاقة المجتمعية في العراق بفسادهم وطائفيتهم واصرارهم على احتكار السلطة والهيمنة على مفاصل الدولة وعدم التزامهم بتعهداتهم وتهربهم من تطبيق مواد الدستور و.. لوكانوا يحتكمون الى العدالة والحوار الصادق واشراك المكونين السنة و الكرد في الحكم واعطاء حقوقهما الدستورية، لما وصل العراقيون الى الحال المزري الذي وصلوا اليه اليوم ولكانوا بالف خير، والعجيب انهم مازالوا يمارسون نفس سياستهم العدوانية المدمرة منذ 14 سنة، رغم معرفتهم التامة بفشلها في قيادة بلد معقد ومتعدد الطوائف والاعراق والاديان والثقافات، يبدوا من خلال اصرارهم على مواصلة نهجهم العدواني، انهم لم يأتوا اصلا لبناء العراق وتعميره بل لتدميره وتخريبه وجر شعوبه معهم الى مهاوي العنف والتخلف والعصبية الطائفية بهدف اجبارهم على الخضوع والاستسلام في النهاية للامر الواقع، واذا ما رفض الكرد الخضوع لهذه السياسة واختاروا طريقا آخر غير طريقهم الوعر المتهالك وارادوا الانفصال عنهم بالحسنى، هاجوا وماجوا واظهروا انفسهم امام العراقيين والعالم بمظهر الوطني الغيور على بلده وشعبه وحريص على مصلحته والمدافع عن سيادته ووحدة اراضيه!.
وفي النهاية وضعوا امامهم خيارين اما البقاء تحت سيطرتهم وفي ظل سياستهم القائمة على التباغض والتنافروالعيش الدائم في الازمات او البحث عن بلد آخر ليعيشوا فيه! كما صرح بذلك حليفهم "سليم الجبوري" في المؤتمر المذكور عندما هددهم بان "العراق كل لا يتجزأ ومن يسعى إلى العيش ‏خارج إطار هذه الدولة فليبحث عن وطن آخر"..
وهذه العبارة القاسية الموجهة الى المكونين الكرد والسنة تقضي اساسا على فكرة التعايش السلمي بين المكونات العراقية في ظل نظام اتحادي فدرالي لامركزي وتنسف تماما المادة الدستورية (119) التي تجيز للمحافظات بانشاء اقليم خاص بهم، وكذلك تخالف ماجاء في ديباجة الدستور التي تلزم وحدة العراق بالالتزام بالدستور وتطبيقه (إنَّ الالتزامَ بهذا الدُسْتورِ يَحفَظُ للعراقِ اتحادَهُ الحُرَ شَعْبَاً وأرْضَاً وسَيادةً.) كما جاء في ديباجة الدستور، وفي حال عدم تطبيق الدستور واهماله وابقاءه حبرا على الورق كما هو حاله اليوم فان الكرد في حل عن تعهداتهم في البقاء ضمن العراق الواحد الموحد ومن حقهم الدستوري ان يبحثوا عن خيارات اخرى غير خيار البقاء في ظل عراق يحكمه فكر شوفيني لايؤمن بالاخرين ولا يعترف بوجودهم الا من خلال الولاء له والانصياع لاجندته، بالضبط كما كان الحال مع النظام البعثي السابق..طبق الاصل.