يقول الشاعر محمود درويش: وتسأل ما معنى كلمة الوطن؟ سيقولون هو البيت، وشجرة التوت، وقن الدجاج، وقفير النحل، ورئحة الخبز والسماء الأولى، وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات، وتضيق بنا....؟ 
إن ما قاله درويش لا يبقى فقط حيًّا في `ذاكرتنا وذاكرة الاجيال القادمة والى الابد، بل إنّه مشروع يَصلُح أن يكون خريطة عمل من أجل النهوض بالوطن الذي ينزف دما...
نعم فالوطن، ليست مجرد ثلاثة حروف وكلمة, حب الوطن ليس شعارات ولا مزايدات, بل هو الانتماء الحقيقي للارض والسماء، هو قيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان، هو إرادة العيش معًا من دون التفرقة أو الإقصاء لأيِّ فئة من فئات المجتمع, الوطن هو المكان الذي لا يعوّض ولا يُستبدل ولا يُباع بأغلى الأثمان. 
الوطن هو المساواة والقانون والضمير، فإذا انعدمت المساواة وضاع الحق ومات الضمير ضاع الانتماء وضاع الوطن، بالضبط كما يحدث اليوم في العراق.....
فما أتعس الذين حينما ينطلقون من مبادئ مصالحهم الشخصية والحزبية، غير عابئين بمصالح البلاد والعباد، يبرمون الاتفاقات في الخفاء ويوقعون العقود مع الشركات العالمية بدون علم الشعب، وفي نفس الوقت يدعون الوطنية، والوطن منهم براء.... 
هناك حقيقة يجب ان نعترف بها وهي: بعد زوال اللعنة البعثية التي حلت على العراق لعقود من الزمن، نهض الوطن من رماد الحطام محاولا الوقوف على رجليه وسط دهشة الاصدقاء والاعداء، محاولا تضميد جراحه التي لاتزال تنزف دما جراء سياسة القمع والاضطهاد والانفالات التي راحت ضحيتها الالاف من ابناء شعبنا العراقي. 
وللتنافس على ادارة الدولة سلميا وبناء مؤسسات المجتمع المدني على اسس سليمة وترسيخ ركائز الديمقراطية، سلك العراق طريق الانتخابات ليتمكن الشعب الذي عانى من الدكتاتورية اختيار ممثليه بعد ان اعاد صدام البلد الى القرون الوسطى... 
لكن المسالة وللاسف ليست رغبة ولا تمنيات ولا محاولات، بقدر ما اتضح ومن خلال هذه السنوات الماضية، تداخل مصالح القوى المحلية والإقليمية والدولية في شؤون العراق لاسباب باتت معروفة لدى الجميع، فخلال هذه السنوات اتضح بان مصير العراق ومستقبل الشعب يخططان من خارج الحدود، بعد ان اغلق ساسة العراق ( تجار النفط والثروات ) على الشعب كل النوافذ التي فتحت بوجهه مع سقوط الصنم، واقصدهنا أدعياء الوطنية، ساسة العراق، الذين كانوا ولا يزالون ينثرون سموم الطائفية والمناطقية والمحاصصة السياسية والمصالح الحزبية الضيقة بعد أن أصيبت عقولهم بحمى الزعامة والبروز واصبحوا ( بدون استثناء ) يحاولون جاهدا السيطرة والتربع على كرسي الحكم الذي اصبح حلما اكبر من العراق كما كان دائما وللاسف........
اخيرا نطرح السؤال التالي يتبعه سؤال آخر: هل يريد الشعب حقأ اسقاط الفساد؟ متى يستفيق الشعب و يفهم دوره الحقيقي تجاه الوطن, نعم متى يستفيق الشعب الذي يجوع ويزداد معاناته يوما بعد يوم ويعاني ويلات الفقر والفساد والمحاصصة بكل انواعها واشكالها في أغنى دولة نفطية في المنطقة؟