يوم الأحد ٢٣ يوليو ٢٠١٧ تبلغ ثورة٢٣ يوليو ٦٥ عاما اي انها تخطت سن المعاش، ورغم ذلك ما زالوا في مصر يحتفلون بتلك الثورة بقيادة الناصريون الذين استولوا الان على معظم اجهزة الاعلام، والناصريون وغيرهم من العقائديين غالبا احادي النظرة ويرفضون اي تحليل علمي لأخطاء عقيدتهم، والعقلاء منهم قد يقبلون النقد ولكنهم يبررون الأخطاء ويخرج زعيمهم من كل مصيبة زي الشعرة من العجين!

وبمناسبة الثورة اذكر نكتة من أفضل النكت ايام عبد الناصر : انه في ذكرى الثورة خرجت المذيعة امال فهمي المشهورة وبرنامجها الشهير "على الناصية" والذي كان يذاع كل يوم جمعة، انها قابلت احد المواطنين في الشارع وسألته : احنا بنحتفل الأيام دي بذكرى الثورة، يا ترى ايه رأيك في الثورة؟ فاجاب المواطن بكل ثقة: الثورة دي حاجة عظيمة جدا، ياريت كمان واحدة!!

وكثير من أعداء تلك الثورة يسمونها انقلاب عسكري، اما الضباط اصحاب الثورة أنفسهم ، فأطلقوا عليها في البداية "حركة الضباط الأحرار"

..

ولكي نقوم بتقييم تلك الثورة يجب ان نقوم بالمقارنة بين وضع مصر في يوم ٢٢ يوليو ١٩٥٢ ووضع مصر في ٢٣ يوليو ٢٠١٧:

قبل الثورة كانت مصر والسودان بلد واحدة تحت حكم الملك فاروق "ملك مصر والسودان" اليوم مصر والسودان أصبحوا ثلاث بلاد: مصر - السودان - جنوب السودان، ما شاء الله ربنا يزيد ويبارك

قبل الثورة كان لدينا ملك واحد جميل ورائع وغير فاسد وبعد الثورة اصبح لدينا الآلاف من الملوك الفاسدين في كل مجال

قبل الثورة كانت الرشوة والفساد هما الاستثناء، الان الفساد والرشوة هما القاعدة

قبل الثورة كان معظم الناس يحترمون قواعد المرور والقوانين ورخص البناء، اليوم المغفلون فقط يحترمون القوانين والكل يخالف رخص البناء او يبنون بدون رخص أصلا 

قبل الثورة كان الأمن أساسا يهتم بأمن المواطن اولا والنظام ثانيا، اليوم الأمن يهتم بأمن النظام اولا والمواطن عند التساهيل

قبل الثورة كانت الشوارع نظيفة حتى في الأحياء الشعبية واليوم الزبالة في كل مكان، واشتهر عن المصريين الان بعدم الاهتمام بالنظافة 

قبل الثورة كانت مصر متقدمة على كوريا الجنوبية، اليوم مصر لا تتفوق على كوريا الجنوبية الا في زيادة النسل

قبل الثورة كانت مصر ١٥ مليون نسمة اليوم مصر داخلة على ٩٥ مليون نسمة، ربنا يخلي ويزيد

قبل الثورة كان سكان مصر ال ١٥ مليون يسكنون ٥ ٪‏ من ارض مصر، اليوم ال ٩٥ مليون يسكنون ٧٪‏ من ارض مصر، زحمة يا دنيا زحمة ... زحمة ولا عادش رحمة

قبل الثورة كان اليونانيون والإيطاليون والقبارصة يعملون في مصر جرسونات وبقالين وميكانيكيين اليوم المصريون يغرقون في البحر المتوسط وهم يحاولون عبوره في قوارب مطاطية الى إيطاليا واليونان وقبرص ليعملوا اي شيء كلاجئين 

قبل الثورة كانت مصر ترسل على حسابها المدرسين والكتب والكراريس والأقلام والاساتيك والامتحانات الى البلاد العربية للمساهمة في العملية التعليمية، اليوم بعض البلاد العربية لا تقبل الشهادات الجامعية المصرية

قبل الثورة لم يكن التعليم مجانيا واليوم تدهور التعليم وبالرغم منه مجانيا الا انه اصبح يكلف اكثر من زمان شكرا لانتشار الدروس الخصوصية !!

قبل الثورة كانت مصر اهم منطقة جاذبة للاستثمارات والسياح في الشرق المتوسط وحوض البحر المتوسط، اليوم مصر تستجدي الاستثمارات الأجنبية والسياح

قبل الثورة مصر كانت البوتقة التي انصهر فيها سكان البحر المتوسط وكانت رمز التسامح والتعايش فكنت تجد في الحي الواحد بل احيانا في البناية الواحدة المسلم والمسيحي واليهودي والأرمني والايطالي واليوناني والشامي والقبرصي، وكانت هناك مسرحية "حسن ومرقص وكوهين" ولم نكن نعرف ان ليلي مراد ومنير مراد وراقية ابراهيم يهود ولم نكن نعرف ان نجيب الريحاني اعظم فناني مصر مسيحي من أصل عراقي وكان بيرم التونسي اعظم من كتب العامية المصرية تونسي يعيش في السيدة زينب ، والآن رأينا فيلم "حسن ومرقص" فقط بدون كوهين (بعد ان طفشت الثورة اليهود) ومش بعيد في المستقبل نشاهد فيلم "حسن" فقط حيث جرى وجاري تطفيش المسيحيين! 

قبل الثورة كانت الموضة تظهر بالقاهرة والإسكندرية في نفس وقت ظهورها في ميلانو ولندن وباريس، اليوم مصر تنتج موضات الحجاب والنقاب والعباءة والبوركيني

قبل الثورة كانت مصر هي هوليود الشرق وكانت تنتج سنويا ما بين ٥٠ الى ٦٠ فيلم، وكانت مصر ثالث اكبر بلد للإنتاج السينمائي في العالم بعد امريكا والهند وكانت صادرات السينما المصرية تنافس صادرات القطن، اليوم مصر لا تستطيع انتاج اكثر من ١٠ أفلام سنويا، رغم تزايد عدد سكان مصر اكثر من ٦ مرات 

قبل الثورة كان لدينا طه حسين والعقاد والحكيم ونجيب محفوظ وأم كلثوم وَعَبَد الوهاب ونجيب الريحاني وليلى مراد واليوم لدينا شعبولا وبحبك يا حمار وزغلول النجار!! 

قبل الثورة كان الجنيه المصري يشتري ٥ دولارات، اليوم الدولار يشتري ١٨ جنيه!!

قبل الثورة كان الجنيه المصري يشتري جنيه ذهب اليوم الجنيه المصري لا يستطيع شراء جنيه صفيح!!

قبل الثورة كانت مصر لديها ودائع في إنجلترا تبلغ ٥٠٠ مليون جنيه إسترليني (بما يعادل اكثر من ٢٠ مليار جنيه 

إسترليني بأسعار اليوم) ، اليوم مصر عليها ديون خارجية اكثر من ٤٠ مليار دورلار

قبل الثورة لم تكن مصر تصنع الكثير، وبعد الثورة طلع علينا عبد الناصر بشعار "اننا نصنع من الابرة للصاروخ" اليوم مصر تستورد كل شيء من الابرة للصاروخ ومابينهما من كل أنحاء العالم وخاصة من الصين حتى ظهر شعار "مصر هبة الصين" !

قبل الثورة مصر كانت تصدر العلم والقطن والقمح والأرز ، اليوم مصر تستورد القمح والأرز وكل شيء تقريبا، ولكنها تصدر الفتاوي والتطرف والاٍرهاب 

...

والقائمة طويلة جدا وان الاوان لكي يتم تقييم ثورة يوليو التقييم الحقيقي، وبدلا من الاحتفال بذكرى الثورة اقترح إقامة مأتم وسرادق لأخذ العزاء في تلك الثورة ، وطبعا لا عزاء للسيدات!!

ملاحظة: من الإنجازات الهائلة لثورة ٢٣ يوليو: انتاج مجموعة رائعة من الأغاني الوطنية والشعارات الثورية باعت الوهم للأغنام !!

[email protected]