يوما بعد يوم تزاد حدة الصراع و المخاوف و التهديدات والتكهنات السياسية بخصوص الخطوات الكردية الرامية نحو الاستقلال عن طريق الاستفتاء الشعبي المزمع اجراءه في اقليم كردستان فمنهم من يحذر الاقليم ومنهم من يهدد ومنهم من يذكرنا بعواقب وخيمة ومنهم من يقول : المنطقة سوف تحترق؟؟ ومنهم من يرسل الوفود السرية والعلنية ناهيك عن التصريحات النارية والبيانات التي لاتخلو من الوعد والوعيد كاننا ارتكبنا جرما شنيعا ونحن نطالب العالم ان يعطونا المجال لكي نعيش بسلام فوق أرض آبائنا واجدانا وان يكون لنا كيان مستقل أسوة بالشعوب المعمورة وكبقية خلق الله وهذا ماأكده للعالم رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وفي كل المناسبات...وفي غمرة هذه الايام وبكل أسف تمارس السلطة في بغداد هواية خطيرة تمرسوا عليها في العهود السابقة و تزداد مخاوف هذه الهواية بإزدياد رقعة الصراع الدائر حول المطالب الكوردية المشروعة و إنفجار البالونات الملونة على طاولة الحوارات الساخنة بين بغداد و القيادة الكوردية التى كانت ترى ظرورة تنفيذ الإستحقاقات الكوردية جملة و تفصيلا في عاصمة الرشيد إن أمكنهم الايام ذلك... و تطرح القيادات الكوردية في حوارهم مع بغداد نتيجة تراكم خبرات الماضي و معرفة التحركات الإقليمية و الدولية تجاه الملف الكوردي سؤالا مفاده: هل يصل حوارنا مع الحكومة المركزية الى الأهداف المنشودة التى ترضي كافة الأطراف بعيداً عن المساومات؟ في وقت تدرك هذه القيادات جيداً أن بغداد لا تتفاوض بل تمارس دور المفاوضات بلهجة الصدق الكاذب و التجارب التأريخية برهنت و أثبتت هذه الحقيقة المرة و اخبرتهم أن السلطة المركزية مختصة بشنق الخطاب الكوردي على أبواب بغداد إن لزم الأمر ذلك!! فكلما تسلم نظام جديد مقاليد الحكم في العراق و لكي يثبتوا أركان النظام القائم حديثاً يعملون على ملاطفة الطرف الكوردي و إظهار المرونة و سعة الصدر في تنفيذ مطالبهم و ان الاكراد شعبهم ولا يتجزؤون منهم و العديد من مَوالات (بفتح الميم) المكر السياسي و الذي ظهرت تداعياتها فيما بعد... إنها أزمة الثقة المعدمة بين الطرفين في سفينة مثقوبة لا تمتلك السلطات العراقية النية و الجرأة لحلها و وضع حد للتداخلات الدولية خاصة لصراصير دول الجوار حتى لا يستمروا في تدوين هوامشم على مساحات هذه القظية العراقية الصرفة و خصوصاً المادة المتعلقة بمدينة كركوك الكوردستانية إعتماداً على الوثائق التأريخية و من بينها إحصاء عام 1957 فقد سجل الوجود الكوردي في هذه المدينة أغلبية ساحقة على المكونات الأخرى. إن مدينة كركوك و التي تعتبر رمزا تأريخياً للنضال الكوردي بشقيها السياسي و الجغرافي و التكهنات الإقتصادية التي تحاك حول المدينة لتغير معالمها التأريخية في وقت تمارس حكومة بغداد سياسة وضع الوشاح على مستقبل المدينة و إبعادها عن قبضة الاكراد. وبينما لا تبدي الطرف المقابل أية مرونة أمام الاستحقاقات المعلنة في الدستور العراقي المتعلقة بالصلاحيات السياسية و إلادارية لحكومة اقليم كوردستان تمارس بغداد أيضاً تحركاً نشطاً و فعالاً في تجميد الانشطة الاقتصادية لإقليم كوردستان خاصة ما تتعلق بالعقود النفطية المبرمة مع الشركات الاجنبية لاستخراج النفط في كوردستان و التي تعتبرها بغداد غير قانونية و غير شرعية و خارج إطار الدستور في حين تعي حكومة الاقليم أن الدستور العراقي الجديد يعطيهم شرعية هذا التحرك ومن هذا المنطلق تحرك رئيس حكومة كردستان نيجيرفان بارزاني نحو وضع الاسس الاستراتيجية المناسبة لبناء اقتصاد متكامل في طريقها الى النور والنجاح بعدما تعمدت بغداد وبشكل تعسفي الى قطع ميزانية الاقليم من واردات العراق ناهيك عن تقليص دور و صلاحيات العناصر الكوردية المشاركة في الحكومة العراقية و إبعادهم عن مصادر القرارات السياسية المهمة و يترنح تحت وطأة هذه الممارسات القيادات العسكرية الكوردية في صفوف القوات المسلحة العراقية من الظباط و المراتب العالية عن طريق مراقبة تحركاتهم داخل صفوف الجيش العراقي و تهميش إمكانياتهم العسكرية بسبب إنتماءهم القومي وتقليص نسبة وجودهم داخل الجيش الى 3% فقط. و لكي لاتتصاعد وتيرة العنف و المشادات الكلامية بين سلطة بغداد و حكومة الاقليم يحاول الجانب الكوردي إعتماداً على خبراتها الذاتية و إمكاناتها الواسعة رصد الطاقات في تكثيف الحوار و المشاورات مع السلطة المركزية و الأطراف المشاركة في العملية السياسية في العراق بواسطة القنوات الدبلوماسية للإبتعاد عن إشكالية الوقوع في المعادلات المعقدة التي طالما جعل المفاوض الكوردي في الزوايا الضيقة عندما يحاورون بغداد بدأً بالعهد الملكي و إنتهاء بمضاعفات العراق الجديد. إن فصول الرواية في تاريخ الحوار مع بغداد(مع الاسف) مليئة بالمؤمرات الدفينة تحت جليد السنين و الايام فالكوردي في نظر بغداد دائما بحاجة الى إثبات براءة ذمته و حكم بالبراءة بينما لم نقترف ذنباً ولم نطالب سوى بحرية شرعية و في حدود تعاليم السماء التي تتحدث عن القسطاس المستقيم و إعطاء كل ذي حق حقه.... إن كلمة كوردستان في رأي الكثيرين من صناع القرار في بغداد يجب أن تكون دائماً محاصراً بالاف العساكر و التلفظ بها معصية حمراء تحت مظلة سوداء فمسلسل رشق الاطراف الكوردية جزافاً مرة بالخيانة و مرة بالعمالة لاتنتهي. أما نحن فبعد خمسين عاماً من الحوار المباشر مازلنا نحمل تحت إبطنا حبالاً لكي نمنح الامان لشعبنا بعدما مزق العساكر أجسادهم بالحراب لذا جيلنا جيل صاعد غاضب من كل الممارسات السابقة و المؤامرات التي حيكت ضد حرمة الحياة بأيادي شريرة على نغمات نشيد (وطن المدى). لقد اثبتت التجربة الرائدة في اقليم كوردستان أننا شعب مقتدر نفلحُ الأفاق و ننكشُ التأريخَ من جذوره إذا دعت الحاجةُ