ان حرية الصحافة والنشر والتعبير من أولويات المبادئ الديمقراطية ، وان انتهاكها لاعتداء على الديمقراطية وحقوق الإنسان. أما الأنظمة المستبدة والدكتاتورية فإنها تدوس على هذه الحرية مثلما تدوس على امن الإنسان وكرامته. ومثلاً الملاحظ في الأوضاع العراقية المتميزة بالفساد والطائفية ،اعتداءات مستمرة على الصحفيين ، من خطف وتعذيب واغتيال، والمجرمين هم دوماً مجهولون ، مع أنهم معروفون.

وعلى صعيد آخر وفي الديمقراطيات الغربية نفسها ، فان هناك مواصفات وحدوداً قانونية وأخلاقية لممارسة هذه الحرية. فمثلاً أن التشهير الشخصي وفبركة معلومات عن هذا الشخص او ذاك تسيء الى سمعته وكرامته، هي مما يعاقب عليه القانون . ومع ازدياد خطر الإرهاب الجهادي في الغرب ،فان الدول الغربية راحت تبحث جدياً عن أساليب ووسائل لمراقبة وسائل الاتصال الاجتماعي ، التي صارت في أيدي الجهاديين وسيلة تدميرية في ممارسة الإرهاب . صحيح ان بعض دعاة حقوق الإنسان من أقصى اليسار يعارضون أية رقابة كهذه ، ولكن الاتجاه يسير نحو ممارستها بما لا يمس حرية النشر والتعبير. والواقع ان الإرهابي ، او راعيه الذي يستخدم وسائل الاتصال هذه لقتل البشر ، إنما يقترفون جريمة كبرى ولا بد من معاقبتهم،ومن يراقب فضائية كالجزيرة مثلاً ، فإنها ومنذ قيامها ، اعتادت نشر التطرف والكراهية والعنف واختلاق معلومات لا أساس لها من الصحة ، ونذكر أنهامثلاً اتهمت ذات مرة حسني مبارك بامتلاك ثروة تقدر بـ 70 مليون دولارونقلت الغاردين البريطانية هذه المعلومة عن الجزيرة ولكنها سرعان ما تبين لها انها كاذبة ، فأصدرت بيان اعتذار. اما الجزيرة فواصلت نشر نفس الحكاية، مرة بعد مرة، لان غايتها لم تكن الحقيقة بل السير مع ما تريده حركة الأخوان المسلمين المعارضة أصلا للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان. ومنذ البداية كانت مجموعة بعينها تدير هذه القناة ، وتمارس مهمة التبشير بالتطرف وفقه الإرهاب. ونذكر أيضا انه، حين أسقطت القوات الأمريكية نظام البعث الصدامي ، فان الجزيرة ظلت تدعو ليل نهار الى ما كانت تصفه بالمقاومة المشروعة ضد الأمريكان ، وحين كان ارهابيوا القاعدة يدخلون من ايران عبر سوريا ليمارسوا القتل وقطع الأعناق ، كانت الجزيرة تمجد هذه الجرائم وتشجع بحجة أنها مقاومة شرعية، بينما كانت قطر ولا تزال تحتضن اكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. وقد تساءل في حينه الكاتب الراحل شاكر النابلسي ، عما اذا كانت أمريكا في العراق غير أمريكا في الدوحة. ان واجب الصحافة الموضوعية والنزيهة هو نشر الأخباربنزاهة وتدقيق، والتبشير بأفكار التسامح والديمقراطية وحقوق الإنسانومبدأ المواطنة ، أما نشر الأفكار المعادية لذلك فانه لا يدخل ضمن ممارسة حرية الرأي والنشر، بل جريمة يجب وقفها. فيما يخص مبدأ الوطنية والمواطنة ، نشير إلى تصريحات مرشد سابق للإخوان في مصر، وهو محمد عاكف ، الذي قال : ( طز في مصر ، ومن في مصر) ولم يعتذر فيما بعد ولم تعتذر حركته ، ذلك لأن الإسلاميين لا يعترفون بالوطن والشعب ، بل بما يسمونها (امة أسلامية واحدة) والهدف قيام دولة إسلامية كبرى تجتاز الحدود.