تتنوع و تختلف التهديدات و الاخطار المحدقة بالجمهورية الاسلامية الايرانية و تتفاوت من حيث تأثيراتها التي ترکتها و تترکها عليها، ومع إن الرهان الاکبر من جانب العديد من الاوساط يکاد أن ينحصر في الخيار العسکري، غير إن هناك اوساطا أخرى ترى في اسلوب فرض العقوبات هو الاسلوب الامثل للتعامل مع إيران بحيث يرغمها على الانصياع للمطالب الدولية، غير إن هناك أيضا من يرفض الخيار الاول و يقبل بالثاني شريطة تناغمه و تناسقه مع الاوضاع الداخلية المعادية لطهران و المطالبة بالتغيير.

الخطورة القصوى التي مثلتها و تمثلها الجمهورية الاسلامية الايرانية إنما جاءت بالاساس من وراء تدخلاتها في المنطقة و قيامها بتأسيس جماعات موالية لها قلبا و قالبا، و‌هذا مامنحها ورقة لعبت و تلعب بها ليس مع دول المنطقة فقط وانما مع الدول الکبرى وخصوصا الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريکية، وقد کان نجاح طهران في الوصول الى اليمن من خلال إستغلالها للحوثيين و توظيفها لقضيتهم بما يصب و يخدم مصالحها و يخدم مشروعها، ولاسيما وأن اليمن محاذي للسعودية التي طالما حلمت أن تطالها و تجعلها تحت رحمة تهديداتها، بمثابة ناقوس الخطر الذي قرع بقوة ليس للسعودية فقط وانما لمجمل دول المنطقة بل و تعداه الى العالم الاسلامي خصوصا وإن المشروع الايراني يٶسس لأهداف بعيدة تسعى من أجل تفکيك العالمين العربي و الاسلامي و إعادة تشکيلهما بما يتفق و يتناغم مع المشروع الايراني.

الورقة الشيعية بصورة خاصة و الدينية المتطرفة التي سعت و تسعى طهران للعبها في المنطقة من أجل جعل نفسها أمرا واقعا و قوة سياسية مفروضة لايمکن تجاهلها، ليس هناك من شك إنها قد لعبتها باسلوب ملتو و خبيث لايمکن أبدا أن يدانيه أي اسلوب، هذه الورقة التي تشکل رأس حربة المشروع الايراني في المنطقة و تشکل قاعدته الاساسية في نفس الوقت وخصوصا إذا مالاحظنا ماقد فعلته و تفعله إيران في العراق الذي صار أشبه مايکون بقاعدة إنطلاقها الاساسية للغزوين الفکري و العسکري للمنطقة بعدما قامت بتعبئة أکثر من 200 ألف شيعي عراقي و جعلتهم بمثابة رماح و سهام قد تنطلق في أية لحظة بإتجاه الدول المجاورة للعراق وخصوصا السعودية.
التهديد الايراني الذي يتعاظم و يتسع يوما بعد يوم، لايکاد أن يقابله جهد عربي بالمستوى المطلوب الذي يمکنه أن يواجهه، خصوصا وإن الجهد العربي برأينا ولحد الان متواضع من مختلف النواحي، ولايکاد أن يرقى الى مستوى التحدي و التهديدين القائمين بوجه العرب.

الجهد العربي ضد إيران، أشبه بما يمکن وصفه بجهد يعتمد أکثر على عامل التمني و نظرية الاحتمالات، خصوصا وإنه لايزال يتعامل مع الملف الايراني بصورة فوقية ولا يدخل للعمق الايراني، بمعنى إنه لايزال أبعد مايکون عن إشراك العامل الايراني في عملية المواجهة ضد إيران و الذي هو العامل الاهم لإن بإمکانه وفي أية لحظة مناسبة أن يقلب الطاولة على رأس الجمهورية الاسلامية الايرانية رأسا على عقب، وإنه ومن دون إشراك العامل الايراني المتمثل في المعارضة الايرانية الفعالة و النشيطة المتواجدة في الساحة الايرانية (المجلس الوطني للمقاومة الايرانية)، فإن الجهد العربي أشبه بما يکون بحکاية ذلك الرجل الذي کان يجلس على ضفاف نهر و في يده طاسة لبن وکان بين اللحظة و الاخرى يقوم بإغتراف ملعقة من اللبن و يخلطها بماء النهر، فبادره مارة بما يبتغيه من وراء ذلك، فأجاب: أريد أن أصنع لبنا، فإستغربوا منه ذلك وقالوا لايمکن لك ذلك أبدا، فأجابهم بخيلاء: وماذا لو نجحت فإن النهر کله سيصير لبنا!