المجتمع انما هو رجال ونساء،، شراكة بين أفراده فالله خلق المرأة والرجل ولَم يفضّل احدهما على الآخر ،، ولكن الإنسان وضع قوانين وأنظمة قد يكون فيهاما يفرق بينهما وقد تحكمها عادات وتقاليد ليست من الدين بشيء،، قال الله تعالى (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ) سورة الأحزاب أية ٣٥
يكثر الحديث عن المرأه السعودية محلياً ودولياً ،، وليس عن نجاحها ودورها في النهوض بالمجتمع،، بل في الأغلب عن المطالبة بحقوقها التي يعتقد من في خارج البلاد أنها مهدورة، خاصة عندما يتحدث عنها ابناء جلدتها.
لماذا يعتبر البعض أن المرأة السعودية مختلفه عن غيرها من نساء العالم ؟ينسى الكثير في نقاشه عن المرأة السعودية أنها كباقي نساء العالم انسان مليئ بالعواطف والمشاعر وتحمل هموما ومسؤوليات ولديها عقل وفكر،، لكن لماذا لا ينظر من يطالب بالحقوق أو يطالب بالتغيير في إختلاف البيئة و المجتمع الذي تعيش فيه نساء المملكة العربية السعودية ولست هنا أعمم بل اتحدث عن الأغلبية،، مجتمعنا السعودي هو المسؤول الأول عن ما يقيد المرأة ويعيقها من التقدم والتطور مجتمعنا هو من كون شخصيتها ووضع الحدود لقدراتها، إذن لماذا لا نقول أن الرجل السعودي هوالمختلف عن غيره من رجال المجتمعات الاخرى ،، لماذا لا نقول البيئة والمحيط والمساحات التي تعيش داخلها المرأة السعودية تختلف عن مجتمعات كثيرة،، لماذا لا تقلب المعادلة وننظر للصورة من زاوية أخرى
فعدما تفشل إمرأة في عملها أو في تعليمها أوعندما تتقوقع عن المشاركة في تنمية المجتمع فنحن لا نبحث عن الأسباب بقدر ما نبحث عن قدراتها وكفاءتها في القيام ببعض الأعمال أو الخوض في بعض المهمات،، ألا يمكن أن يكون السبب في بيئة غير صحية تعيش فيها المرأة تتصادم مع طموحها وقدراتها واهتماماتها،،
دائما ما يقال وراء كل رجل عظيم امرأه ،، ومن واقع مجتمعنا أقول وراء كل امرأة سعودية ناجحة رجل ناجح واعي متفهم لطبيعتها وحقوقها ،، قد يكون هذا الرجل زوجاً أو أخاً او أب أو قد يكون المسؤول في العمل الذي يدرك ويعي حقوق المرأة ومكانتها ودورها ومدركاً لضرورة إشراك المرأة في سوق العمل والاستثمار في الطاقات البشرية لدعم توجهات المملكة في إصلاح الاقتصاد بالمملكة وضمان استقراره ونموه ،،
وفي رأيي المتواضع أن لا نجعل من النقاش حول حقوق المرأة ونساعد على نشر النظرة السلبية لمجتمعنا وللمرأة على وجه الخصوص التي ضخمها الإعلام الخارجي ولكن من الأجدى أن نركز إهتمامنا على توعية وتثقيف المجتمع في المشاركة في دعم الدولة في توجهاتها ومساعدة أصحاب القرار في تنفيذ الإستراتيجيات المستقبلية لدعم النمو والنهوض بالبلاد.
في عام 2016م قمت بدراسة ضمن بحث الدكتوراه* وكانت الدراسة على برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي وقد تم اختيار البرنامج كدراسة بحثية لأنه يعد مبادرة حكومية تفاعلت مع تحديات العصر والتي منها العولمة والاستثمار في الطاقات البشرية واصلاح الإقتصاد. وعليه أطلقت برنامج الإبتعاث وتهيئة الشباب وهم قادة المستقبل.
أظهرت الدراسة نجاح البرنامج في تحقيق أهدافة ورؤيته والتي منها اكتساب الثقافة والمهارات والتفاعل مع المجتمعات الأخرى، ومن خلال الإبتعاث أثبت شبابنا رجال ونساء قدرتهم على التكيف والتعلم وأبدعوا وبرعوا في مجالاتهم حتى أصبح بعضهم معروف دولياً. وهذا البرنامج الضخم الذي أعطته الدولة أعزها الله جل اهتمامها لوعيها التام أن الإستثمار الحقيقي هو الإستثمار في الإنسان قبل كل شيء وهذا البرنامج ليس مستقلاً بذاته فهو مرتبط بالمجتمع وقضاياه كالسعودة والبطالة وتمكين المرأة.
قمت خلال الدراسة بعمل مقابلات واستفتاء على بعض المبتعثين والمبتعثات في بريطانيا و كذلك على خرجي و خريجات برنامج الإبتعاث من بريطانيا وأمريكا وكان الغرض من الدراسة تقييم البرنامج ومدى نجاحه من ناحية اكتساب الثقافة والمهارات اللازمة لسوق العمل بالمملكة وتقبل التغيير والثقافات الأخرى،،
لكن من خلال الدراسة وجدت ان اغلب المبتعثين وخاصة المبتعثات يعانون من بعض التعقيد في الأنظمة أو من منفذي الأنظمة المتعلقة بالبرنامج ، وكانت أغلب التعقيدات في الأنظمة التي تخص سلطة الرجل على المرأة في أمور قد لا تكون من القوامة أو من الشرع،، فمثلا موافقة ولي الامر على تمديد البعثة للطالبة ،، رغم موافقته في المقام الأول على ابتعاثها وتوقيعه على مستندات تؤكد موافقته عند التقديم للبعثة،، أو إلزام المرافق بالإقامه الدائمة مع المبتعثة في مقر البعثة دون النظر لوضعه وظروفه ووظيفته التي قد لا تسمح له بالسفرخارج المملكة كالعسكريين مثلاً،، أو تحديد مسافة معينة لا يتعداها المرافق بعيداً عن مقر دراسة المبتعثة،، وهذه الأنظمة بالطبع لا تنطبق على الطلبة الذكور حتى لو كان متزوجا ولدية اسرة،،
ومن العوائق المرافق المراهق، كأخ لم يتجاوز العشرين من عمره وأخته المبتعثة قد تكون في نهاية الثلاثين وتدرس الدكتوراه في تخصص دقيق علمي أو طبي مثلاً فيقف النظام ضدها وفي بعض الأحيان منفذ النظام وهذا وضع للأسف تكرر عندالمبتعثات ناهيك عن المشاكل التي قد يقع فيها المرافق المراهق في دولة تنبض بالحريات فتنشغل المبتعثة في أخيها بدلاً من ان تنشغل في علمها و الهدف الذي جائت من أجله لأن النظام لا يخدم مصالحها بقدر ما يخدم مصلحة أخيها حتى لو أثبت سوء سلوكه وتصرفه،، ولكن عندما يكون المرافق مراهق في منصف العمر فهنا تكون المعضلة أكبر على المبتعثة, ولن أخوض في تفاصيل المرافقين فهي كثيرة ولن أخوض في تعقيدات النظام في الإبتعاث التي يواجهها أبنائنا وبناتنا في الخارج والبيروقراطية الجافة ولكن سأخوض في توجهات الدولة في تنمية الشباب و تمكين المرأة وتطوير المجتمع وما يدعم رؤية المملكة الطموحة 2030
توافقت الدراسة مع أهداف رؤية المملكة 2030 والتي في مجملها مواجهةالتحديات التي تعيشها المملكة في العصر الحديث من العولمة والإنفتاح على العالم وكذلك الإستثمار في الطاقات البشرية وهو الإستثمار الحقيقي لضمان الإستمرارية والإستقرار والتي ستحقق الإصلاح والتنوع في مصادر الإقتصاد من الطبيعية إلى البشرية الشابة رجالاً ونساء،
حكومة المملكة أدامها الله تدعم الشباب السعودي وضخت الميزانيات الضخمة لتطوير التعليم وتطوير وتنمية المجتمع وتمكين المرأة كعضو فعال ومهم في المجتمع وأوجدت الفرص وسهلت الطرق أمام الشباب، ولكن يبقى دور المجتمع في إنجاح الرؤية واستراتيجيات المملكة في التنميةو يبقى النظام ومنفذ النظام والبيروقراطية والتي تحتاج التغيير والتطوير فهذا موضوع قد يطرح للنقاش على مستوى رفيع ويستحق النظرة والتمحيص لتكتمل الجهود وتتكاتف الأيدي لدفع عجلة التطور التي تشهدها بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية.


لندن