يبدو ان الانظمة المقتسمة لكوردستان لم تستوعب دروس التأريخ وتجارب حوالي مائة عام منذ ان رسمت المصالح الاستعمارية البريطانية الفرنسية خارطة الشرق الاوسط في اعقاب الحرب العالمية الاولى واستحدثت دولا لم تكن موجودة اصلا كالعراق مثلا، فما ان اعلنت القيادة الكوردستانية عن اجراء الاستفتاء الشعبي السلمي العام حول الاستقلال حتى هبت تسونامي العنصرية المشحونة بالكراهية والعدوانية، رغم ما بين اطرافها من خلافات جوهرية وصراعات مزمنة لتتوحد ضد شعب كوردستان وحقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه ولاحياء التاريخ المشين لابادة شعب كوردستان والغائه من على خارطة المنطقة وتراثها الحضاري اعتبارا من حلف سعد اباد 1938 مرورا بحلف بغداد 1955 وانتهائ باتفاقية الجزائر 1975 وكل الاتفاقات الثنائية بين هذه الاطراف.

اجتماع وزراء خارجية العراق وايران وتركيا يوم 20\9 على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة لبحث موضوع الاستفتاء الشعبي السلمي في كوردستان ومنعه بحجة حماية وحدة العراق القسرية، يذكر باجتماعات ايام زمان لوزراء خارجية البلدان الثلاثة للتصدي للحركة الوطنية التحررية الكوردستانية، اذ يبدو ان التغيير بعد كل هذه الاعوام الطويلة كان في الوجوه والشخصيات فقط وليس في النهج والثقافة والتفكير والاجندات العنصرية للاستعمار الاستيطاني ونهب ثروات كوردستان واستعباد شعبها. 

مائة عام والظلم والغبن التاريخي يلاحق الانسان الكوردي في كل مكان وزمان ومع كل الجرائم القذرة التي مورست ضده لم تستطع لا الغائه ولا اسكات صوت المطالبة في الحرية والعدالة والسلام وها هو اليوم يشكل قوة مؤثرة على مسرح الاحداث و رقما صعبا في المعادلات السياسية والاقتصادية للمنطقة ومن المستحيل في هذا العصر، وامام تطور مفاهيم حقوق الانسان وتقدم الحركة الوطنة الكوردستانية التي تمثل حوالي اربعون مليون انسان، ان تنجح عملية احياء حلف بغداد المقبور في التصدي للمشروع الكوردستاني الانساني والديموقراطي السلمي.

خطورة المحاولات العنصرية المحمومة لاقطاب حلف بغداد وفي التحليل الاخير تكمن في انها توفر كل المقدمات الضرورية لتوسيع رقعة لهيب الصراعات القومية والدينية وانفلاتها غير المنضبط واستحالة السيطرة عليها وفق حسابات اقطاب حلف بغداد غير الدقيقة وبالتالي تهديد الامن والسلام في منطقة الشرق الاوسط الذي يعاني اصلا من مخاطر كبيرة، اذ لا يصدق احد ان يقف الشعب الكوردي مكتوف الايادي امام حرب ابادة جديدة ضده ارضاء لنزوات ونزعات جنونية واطماع عنصرية للذين يريدون احياء حلف بغداد المقبور.

لقد سبق وان كتبت ان عام 2017 ليس بعام 1917 فهل يستفيق البعض اخيرا ويعيد النظر في حساباته غير الدقيقة حقا .....عسى ولعل.

[email protected]