منذ دخوله إلى البيت الأبيض ،وحتى قبل ذلك،أي في أوج حملته الإنتخابية، لم ينقطع المثقفون الأمريكيون عن توجيه الإنتقادات اللاذعة للرئيس رونالد ترمب، ساخرين من تقلباته المزاجية، ومن سورات غضبه العاكسة لشخصية المعقدة والإستعراضية، وفاضحين ن أساليبه الخطيرة في مجال إدارة السياسة الداخلية والخارجية لأعظم دولة في العالم راهنا.

ويمكن القول أن الانتقادات الموجهة من قبل المثقفين للرئيس ترمب تتجاوز في عنفها وفي حدّتها تلك التي طالت رؤساء جمهوررين سابقين أمثال ريتشارد نيكسون، ورونالد ريغن، وجورج بوش الأب، وجروج بوش الإبن.

ويرى المثقفون الأمريكيون ان ترمب يجسّد العنصريّة البيضاء في أبشع مظاهرها ح حتى أنه لا يكاد يختلف عن قادة جماعات "كو كلوكس كلان". ولهم أدلأة قاطعة تثبت ذلك.

ففي عام 1989 اتهم خمسة شبان سود باغتصاب وقتل امرأة بيضاء كانت تمارس رياضة الركض في "السانترال باركّ بنيويوركوقد بادر ترامب بشراء أربع صفحات من صحيفة"نيويورك تايمزمطالبا بإدانتهمومع أن التحقيقات الجينية أثببت بطلان التهمة الموجهة للشبان الخمسة، فإن ترمب ظل مصرا على إدانتهم، ورافضا الإعتذار عن خطأه.

الأمر الثاني المثبت لعنصريته هو أن ترمب ساهم في الحملة التي نظمها أمريكيون بيض طعنوا في شرعية أوباما زاعمين أنه ولد خارج الولايات المتحدة الأمريكيةورغم أن الوثائق أثبتت العكس فإن ترمب ظل متشبثا بمزاعمه مطبقا بحسب الكاتب الكبير بول أوستر نظرية النازي غوبلس الذي كان يقول بإن الشعب ينتهي بتصديق كذبة يكثر تداولها بين الناس.

ويعتقد المثقفون الأمريكيون أن العيب الكبير الآخر لترمب هو ضعف خياله السياسي، بل انعدامه أصلامن هنا ندرك عجلته في اتخاذ القرارات،وفي الحكم على الآخرين سلبا أم إيجابا.وفي هذه الناحية هو يختلف عن كبار رجال السياسة الأمريكيين وغير الأمريكيين الذين يتمكنون في اللحظة الأخيرة من تجنب خطر يهدد بلادهم او العالم بأسرهوكذا كان حال الرئيس المقتول جون كيندي الذي عارض الجنرالات الذين كانوا يطالبون بقصف كوبا خلال ما أصبح يسمى ب"أزمة الصواريخليجنب بذلك بلاده والعالم من حرب عالمية أخرى قد تكون أشد دمارا كل الحروب السابقة.

أما الأمر الخطير الآخر فهو أن ترمب يريد أن يقنع الأمريكيين بفكرة رونالد ريغن التي تقول بإن الدولة ليست الحل وإنما المشكلة». وبرى المثقفون الأمريكيون أن هذه الفكرة تُشرّع للداعين وللمنظرين لها تحطيم نظام الحكم و المؤسسات التي إليها ينتمون.

وخلال حملته الإنتخابية، حرص ترمب على أن يوهم جزءا كبيرا من الأمريككين بأنه مستقل، و"فوق الأحزاب".

وفي الحقيقة هو لم يكن سوى لعبة في أيدي قادة الحزب الجمهوري الذين كانوا يرغبون في الحصول بواسطته على ما يطمحون إليه، ويحلمون بهلذا تغاضوا عن أخطائه،وعن شطحاته الخطيرة، وعن تصريحاته التي تغضب الناس في الداخل والخارج،وتحرج حتى البعض من رجال إدارتهوبينما هو سادر في ذلك، ملفتا إليه الأنظار،ومثيرا السخرية كما لو أنه مهرج، يقومون هم بتنفيذ مخططاتهم للوصول بأقسى السرعة، وفي كنف السرية إلى أهدافهم المرسومةلذلك لا يتردد المثقفون الأمريكيون في القول بأن ترمب هو"نتيجة خمسين سنة من تاريخ ايديولوجيا اليمين الراديكالي" .