كشف تفاصيل ضرب اسرائيل لمفاعل دير الزور السوري لم يكن صدفة ولم يأتبسبب كتاب رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود اولمرت الذي كتبه فيالسجن فحسب، وليس بسبب طلبات متكررة من الاعلام الاسرائيلي للرقابةالعسكرية السماح بنشر تفاصيل الضربة بعد ان كان الاعلام الاسرائيليمضطر لنشر اي خبر عن هذه العملية نقلا عن الصحافة الاجنبية تجنبا لمساءلةقانونية،فقط، انما ايضا لاسباب اخرى متنوعة ومثيرة.

اسرائيل التي نفذت خلال سنوات الحرب السورية السبع ونيف نحو مائةوخمسين ضربة جوية تشعر بعد اسقاط طائرة اف 16 مؤخرا ان ردعهاالاقليمي تصدع بعض الشيء خاصة وان مضادات سوريا الجوية القديمة هيالتي ادت الى اسقاط تلك الطائرة. اضف الى ذلك عدم قيام حكومة نتانياهوعلى مدى نحو عشر سنوات باي عمل امني يمكن ان يحتسب انجازا علىمستوى ضرب مفاعل دير الزور. لذلك قام البعض في المؤسسة الاسرائيليةبعمل ما، يعيد هيبة اسرائيل الى سابق عهدها وان يدها الطولى في المنطقة لاتزال تستطيع الضرب الموجع، ويبدو ان السماح بالنشر الان جاء بضغط منالمؤسسة الامنية بشقيها: العسكر من جهة وجهاز الموساد من ناحية اخرى،ويمكن القول ان ذلك حصل رغم انف بنيامين نتانياهو الذي لا يحظى من هذاالنشر باي هالة او مكسب لان العملية تمت في عهد ايهود اولمرت وعمير بيرتسوايهود باراك وغابي اشكنازي وكلهم خصوم له. لذلك يمكن القول ان اختيارالنشر عن هذه العملية المعقدة وغير العادية بحسب التفاصيل والحيثيات وجمعالمعلومات لاربع سنوات ونيف من اجل التأكد ان المبنى في دير الزور هو حقامفاعل نووي يعمل بطريقة تبريد البلوتونيوم، هو بقصد ابراز هالة اسرائيلالامنية، ولعل ابرز ما جاء في التفاصيل هي كيفية اتخاذ القرارات والمباحثاتالامنية التي سبقت وجمع المعلومات الدقيقة وتشغيل العملاء والجواسيسوالاستفادة من كل معلومة صغيرة كانت ام كبيرة اما قيام قائد الاركان وقيادةسلاح الجو وبعض الطيارين المشاركين الحديث حول العملية هذه، فيعطي بعداردعيا بحسب من خطط للنشر في هذا التوقيت.

الامر الثاني الذي يبرز من خلال التفاصيل التي نشرت ان اسرائيل استعدتلحرب مع سوريا بعد الضربة لان تقديرات الاجهزة الامنية ان النظام السوريبقيادة بشار الاسد لن يمر مر الكرام على هذه العملية وسيحاول ان يقوم بحفظماء وجهه واسترداد كرامته وكرامة جيشه وبلده بتوجيه ضربات عسكريةصاروخية لاسرائيل خاصة بعد حصوله على اسلحة متطورة من ايران وروسياويبدو انهم اخطأوا التقدير. ويرى المراقبون ان التشديد في تفاصيل النشر عنخشية اسرائيل من ردة الفعل السورية ثم تبدد ذلك القلق خلال يومين تشير الىان اسرائيل بنشرها هذه التفاصيل فانها تمعن في اذلال بشار الاسد الذييظهر مرة تلو الاخرى انه لا يجرؤ على الرد على اسرائيل لا قبل الازمة السوريةولا بعدها.

الامر الثالث والذي لا يقل اهمية عما سبق ان النشر هو رسالة لايران وقت توجيهالضربة والان ايضا، وهي ان اسرائيل لا تزال يدها هي الطولى في المنطقةوان باستطاعتها ان ارادت ذلك وبدون مساعدة احد القيام بتدمير مفاعل نوويايراني او اكثر، وهنا يمكن القول ان من يتمعن بما سمحت الرقابة نشرهوالحديث الذي ادلى به المسؤولون والقادة الحاليين والسابقين تشير الى اناسرائيل لا تنتظر احدا من اجل العمل فقد اشارت المعلومات ان اجهزة الامنالغربية المختلفة بما فيها الاميركية لم تشارك اسرائيل ولم تقدم لها اي معلوماتحول قيام سوريا بالتحضير لبناء مفاعل نووي في دير الزور، وهذا يشير الىان اسرائيل لن تتورع عن القيام بمغامرة كهذه ان احتاج امنها ذلك بحسب مايمكن فهمه من بين سطور المعلومات التي نشرت، وان قام بعض النسؤولينالامنيين بتحذير الحكومة والجيش من مغبة ذلك دون مساعدة الولايات المتحدة.

في ضوء ما تقدم وبناءً على التفاصيل التي سمحت اسرائيل بنشرها ومعمراعاة التوقيت والرسائل والتطورات العسكرية وغيرها في منطقتنا فاناسرائيل تستعد على ما يبدو لحرب وتحاول ان تقول لعدد من الاطراف انها لاتخشى الحرب وانها مستعدة لها كما استعدت دائما ونشر تفاصيل امنية دقيقةحول جمع المعلومات وتحديد الاهداف يفهمها اصحاب الشأن، كما ان اسرائيلفي هذه المرحلة اصبحت اكثر استعدادا وجهوزية لحرب بعد حصول نتانياهوعلى ضمانات من الرئيس الاميركي حول المساعدة وحتى المشاركة مع اسرائيلفي اي حرب بالمنطقة، الاجواء احواء حرب وعنتريات من هنا ومن هناك وخلفالكواليس اجتماعات وتحضيرات والتصريحات النارية تتوالى والمخفي اعظم!