الموقف الايراني من المواجهة التي جرت على الاراضي السورية بالتهرب الملفت للنظر منه، يذکرنا بمسرحية"الفيل يا ملك الزمان"، للکاتب سعدالله ونوس، حيث يتراجع الاهالي عن وعودهم التي قطعوها لبطل المسرحية زکريا بالشکوى أمام الملك من فيله الذي يدمر المزارع و البيوت وعندئذ فإن زکريا وعند رٶيته لخوف و جبن الناس يفاجئ الناس بأن يترجى الملك بتزويج الفيل!

الجمهورية الاسلامية الايرانية التي صدعت رٶوس العالم کله عموما و العالمين العربي و الاسلامي خصوصا، بعدائها الشديد لإسرائيل و وإنها ستمحوها من على الخريطة، ناهيك عن شعار الموت لإسرائيل الذي صار کالشهيق و الزفير في التجمعات الشعبية الکبيرة وخصوصا تلك التي تجمع الناس بالمرشد الاعلى للجمهورية، ناهيك عن"يوم القدس"العالمي الذي تحييه هذه الجمهورية في آخر جمعة من رمضان کل عام، هذا إذا وضعنا جانبا"تأسد"أذرعها على إسرائيل حتى وصل الامر بقادة ميليشيات عراقية أن يتوعدوا إسرائيل من على حدودها و ينشروا ذلك کي يثبتوا مدى عدائهم الکبير جدا ضد إسرائيل والذي هو في الحقيقة يثير الشفقة أکثر من أي شئ آخر. هذا الى جانب ماقد دأب عليه القادة الايرانيون من إن إسرائيل إذا تجرأت و هجمت على إيران فإنها ستدفع الثمن غاليا، کل هذا تذکرناه عندما تمت الهجمة الاخيرة للحرس الثوري الايراني على مواقع إسرائيلية في الجولان، والتي جوبهت برد فعل إسرائيلي عنيف، وبعد أن کانت التقارير الاولية الخاصة بالاقدام على الهجوم علىالمواقع الاسرائيلية کانت بقيادة الجنرال قاسم سليماني، فقد تغيرت فجأة لتصبح هجمات شنها الجيش السوري بنفسه، هذا الجيش الصامت صمت القبور في عز قوته عن إسرائيل يقوم بماهجمتها وهو في وضعه الحالي الذي يرثى له، ولانقول سوى(حدث العاقل بما لايليق فإن صدق فلا عقل له)، ولاأحد في العالم کله صدق أن الجيش السوري هاجم إسرائيل.

التصريحات الرسمية الايرانية المتتالية التي أکدت عدم علاقة الجمهورية الاسلامية الايرانية بالهجمات الصاروخية التي جرت ضد إسرائيل، جسد حقيقة بالغة الاهمية لابد من الانتباه إليها جيدا، وهي إن إيران تطبق اسلوب عنترة أبن شداد في مباغتة الخائف و المتردد لکي يرعب القوي و المقدام، لکن الذي يجب معرفته أيضا و الانتباه إليه بدقة متناهية، هي إن إسرائيل کما يبدو قد علمت بسر تکتيك و حذلقة اسلوب عنترة الايراني، ولذلك فقد وجهت له ضربات أعادت إليه رشده الذي فقده على أثر قرار الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي، و على أفضل مايکون، لو فرضنا جدلا وفرض المحال ليس بمحال، إن عنترة قد بعث حيا و رأى کيف قد أساء الايرانيون الى اسلوبه، فإنه حتما سيقاضيهم!

کثيرا ما تکرر زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، من إن اللغة الوحيدة التي يفهمه النظام الايراني هي لغة القوة و الحزم و الصرامة، مٶکدة من إنه يفسر کل أنواع التساهل و اللين معه بالضعف و الخوف منه ولذلك فإنه يتمادى أکثر، وإن النموذجين الامريکي(الانسحاب من الاتفاق النووي) و الاسرائيلي(رد الصاع بأصوع"وليس صاعين" لطهران)، قد کشفا و فضحا الجمهورية الاسلامية الايرانية على حقيقتها.

المهم الذي لايعرفه القارئ و المتابع العربي، هو إن الشارع الايراني، لايستسيغ المواجهة مع إسرائيل وإن کاتبا کصادق زيبا کلام المقرب من روحاني، يقول؛ إن الشعب الايراني لايفهم ولايقبل بالمواجهة مع دولة تبعد عن إيران 2000 کيلومتر، کما إن مواقع التواصل الاجتماعي کلها حفلت بتعليقات و مواقف لذعة ضد النظام متهمين إياه بالهروب للأمام و إفتعال حروب مدمرة لافائدة من ورائها أبدا، بل وإن محللين إيرانيين قد إنتقدوا المرشد الاعلى شخصيا عندما يصدر أوامره بالتنسيق مع الاوربيين، أي تقديم تنازلات لهم في مقابل الحصول على بعض الامتيازات، وتساءلوا؛ لماذا لم يتم تقديم هذه التنازلات لترامب نفسه کي تسجل على الاقل موقفا إيجابيا لإيران أمام شعبه، وبصورة عامة فإن الشعب الايراني يجد في المواجهة مع إسرائيل أمرا في غير صالحه.