هناك الکثير من الامور و القضايا المرتبطة بإيران فيها حالة من عدم الفهم و الضبابية نظير هل إن الذي يشکل المشکلة و الصداع الاکبر للجمهورية الاسلامية الايرانية و يجعلها تشعر بالخوف و القلق يتعلق بالتحديات و التهديدات الخارجية المحدقة بها أم الداخلية؟ لاريب من إن هناك ثمة ترکيز من جانب الطبقة الدينية الحاکمة في إيران على إن هناك خطر خارجي محدق بجمهوريتهم و الهدف هو إسقاطها، وهي نغمة تتکرر منذ أربعة عقود دونما توقف، رغم إن هذا العزف يکون أحيانا بأسلوب الإيحاء بنظرية المٶامرة، کما حدث و جرى في الانتفاضة الاخيرة التي تم خلالها الربط بين الشرائح الشعبية المنتفضة و منظمة مجاهدي خلق الناشطة داخليا و الولايات المتحدة الامريکية و إسرائيل وجعلها کلها في جبهة و الجمهورية الدينية المتشددة في الجبهة الاخرى.

أيهما الاسهل بالنسبة لطهران و يمکن معالجته و حله المشکلة الخارجية أم الداخلية؟ بتعبير آخر، أيهما الاسهل و الاقرب للحل الاتفاق النووي و مشکلة التدخلات و برنامج الصواريخ، أم مشکلة الحرية التي يطالب بها الشعب أو أزمة شح المياه و جفاف الابار و الازمة الاقتصادية؟ من الواضح جدا إن الصنف الثاني هو الذي يستعصى على طهران حلها أما الصنف الاول فإنه قابل للحل و المعالجة، ولهذا فإن هناك ملاحظة مهمة يجب الاخذ بها بنظر الاعتبار في طريقة و اسلوب الجمهورية الاسلامية الايرانية في معالجة المشاکل و القضايا و التصدي لها وهي تکمن في إنها تعمل دائما على الاستفادة من العامل الخارجي لضمان الامن و الاستقرار الداخلي، وإن التدخلات في بلدان المنطقة على سبيل المثال لا الحصر و إثارة المشاکل فيها، هي بالاساس للفت أنظار الشعب الايراني عن المشاکل الداخلية و جعله مشغولا بالمشکلة الخارجية خصوصا بعد تطعيمها ببعض "التوابلالطائفية"، کزعم حماية المراقد المقدسة في سوريا و العراق مثلا.

الاتفاق النووي الذي وقعت عليه الجمهورية الاسلامية الايرانية في أواسط تموز 2015، إنما کان بسبب ضغط المشاکل الداخلية الاستثنائي والذي جعل الجمهورية تترنح وکانت الاوضاع تهدد بالانفجار، من هنا فإن العامل الخارجي کان دائما يخضع قسريا للعامل الداخلي وليس العکس، بمعنى إن طهران تتمکن من حل إشکالاتها الخارجية بأية طريقة کانت ولکنها لاتمتلك نفس القدرة على حل معضلاتها الداخلية ذلك إنها أشبه بمشکلة تقدم العمر أو الامراض المزمنة التي لايمکن أن يتم إصلاحها بعقاقير العطارين و ادوية الاطباء، وقد صدق مصطفى هاشمي طبا، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، عندما إعترف مٶخرا قائلا:( في الوقت الحاضر ليس لدينا مشكلة الاتفاق النووي ولا السياسة الخارجية لأن كل الحالات قابلة للتغيير ولكن الأمر الذي لا يمكن تغييره والأمر الذي يقود البلاد الى الهلاك هو مشكلة شح المياه واذا لم يتم معالجته فان ايران تدمر وكذلك الجمهوريةالاسلامية)، ونفس الشئ بالنسبة لقضية حقوق الانسان و المرأة و الازمة الاقتصادية وماشابه، فهذه المشاکل هي أخطاء قاتلة ولدت مشاکل مزمنة من المستحيل حلها إلا بتغيير النظام السياسي في إيران جذريا، وهذه هي الحقيقة التي تصدم طهران و تدفع واحدا کهاشمي طبا أو غيره للإعتراف بها مذعنا.

المشکلة الداخلية في إيران، کان ولايزال يشکل الهاجس و التحدي الاکبر للجمهورية الاسلامية الايرانية، ولو سأل أحدهم هل إن الولايات المتحدة و إسرائيل و السعودية و غيرها تشکل خطرا مٶکدا عليها أم الشعب الايراني و منظمة مجاهدي خلق مثلا؟ فإن الاجابة الحقيقية هي إن طهران تتخوف من الشعب و منظمة مجاهدي خلق أکثر، لأنهما يرفضانه و يناضلان من أجل إسقاطه و تغييره. من هنا فإن المشکلة الاساسية في إيران هي داخلية وهي مشکلة عجز و فشل نظام و المکابرة في إعلان إفلاسه، وقد دأبت الاجتماعات السنوية العامة للمقاومة الايرانية على التأکيد على ذلك، بل وسيکون موضوع و محور التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية#FreeIran2018، القادم في باريس في أواخر حزيران الجاري، وهو تجمع سوف يعني الکثير هذه السنة تحديدا للشعب الايراني، لأنه سينشر غسيل 40 عاما للجمهورية الاسلامية الايرانية على الحبال ليراها العالم بأسره و يتفهم محنة و مأساة الشعب الايراني مع جمهورية لها لسان طويل و آذان صماء!