هل حقا أن الخميني هو الذي أسقط شاه إيران؟ سٶال مهم يجب التدقيق فيه بعد مرور 4 عقود على سقوط النظام الملکي في إيران و ظهور بوادر و مٶشرات أکثر من واضحة على إن النظام الديني الذي خلفه يسير على نفس الطريق. الخميني الذي أبعده الشاه في العقد السادس من القرن المنصرم عن إيران، لم يکن وکما تٶکد و تدل کل الشواهد التأريخية بأنه کان له دور بعد إبعاده ونتحدث عن فترة الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي، إذ کان في النجف و يمضي أيامه بعيدا عن الاحداث و التطورات السياسية في إيران.

في عام 1965، وبعد تأسيس منظمة مجاهدي خلق على يد نخبة من المثقفين الايرانيين و صارت أقوى معارضة سياسية ـ عسکرية ضد النظام الملکي ولاسيما بعد أن صارت تمتلك قاعدة جماهيرية عريضة جدا، وقد أثبتت الايام بأن المنظمة کانت من طراز خاص في نضالها ولم يٶثر على عودها قيام النظام الملکي بإعدام جميع أعضاء اللجنة المرکزية الاولى للمنظمة، بل إنها صارت أقوى و بقيت ککابوس يرعب النظام الملکي.

من فترة الستينيات و مرورا بالسبعينيات من الالفية الماضيةوحتى سقوط الشاه، لم يکن هناك في الشارع الايراني کله قوة أو حزب سياسي يضاهي منظمة مجاهدي خلق من حيث مکانته لدى الشعب الايراني و دوره في الشارع الايراني، بل إن الحقيقة التي يجب أن يخجل منها رجال الدين الحاکمين في إيران، هي إنه لولا منظمة مجاهدي خلق لما کانت"کاسيتات" الخميني التي تدعو لمواجهة النظام الملکي توزع بذلك الشکل الاستثنائي، خصوصا وإنه لم يکن وقتها لا ستلايت و لا أنترنت، ولئن يتساءل البعض عن سبب قيام المنظمة بتوزيع هذه الکاسيتات و في أنحاء إيران بصورة واسعة، فإن هناك سببان بإعتقادي وراء ذلك؛ الاول وهو الاهم، هو السعي لإسقاط نظام الشاه بأية طريقة ممکنة، والسبب الثاني الذي دفع المنظمة لذلك کان حمل الخميني على محمل حسن کالتصور أن يکون مثل آية الله الطالقاني المحبوب و المقرب جدا ليس من جانب المنظمة فقط وانما الشعب أيضا.

من کان بإمکانه أشعال الشارع الايراني في عهد الشاه غير منظمة مجاهدي خلق التي لايستطيع الحکم الديني في إيران لحد الان إنکار ذلك، ولکنهم يسعون للتقليل من شأنه و التغطية عليه بصورة أو بأخرى؟ سقوط نظام الشاه لم يکن ممکنا أبدا من دون تلك الارضية و الاجواء السياسية ـ الفکرية التي مهدت لها منظمة مجاهدي خلق، وهذه الحقيقة معروفة لدى"رضا بهلوي" أبن الشاه المخلوع بل وإنها بمثابة البديهية عنده، ولذلك فإنه وعندما يکتب في عمود في وکالة أنباء بلومبيرغ:" وإذا ما تم تخيير المواطنين بين (مجاهدي خلق) والملالي، فإن الاحتمال الأكبر أنهم سيختارون الملالي"، فإنه لايملك شيئا غير ذلك، لأنه يعلم جيدا بأن الخميني وکل رجال الدين لو بقوا مليون سنة أخرى ماکان بإمکانهم إسقاط نظام والده ولهذا فکان لابد له من الانتقام لوالده ولو على أساس تحريف و تزييف و قلب الحقائق تماما کما تفعل الجمهورية الاسلامية الايرانية التي صارت بقدرة قادر حبيبة قلبه!

إنضمام أبن الشاه المخلوع للجمهورية الاسلامية الايرانية و إصطفافه معها ضد منظمة مجاهدي خلق و إطلاق المزاعم بشأن عدم شعبية المنظمة داخل إيران تماما کما کان کانت الجمهورية الاسلامية الايرانية تفعل ذلك و بإمتياز، يدفعنا من جديد أن نلفت النظر الى ماقد کان المرشد الاعلى آية الله خامنئي قد أعلن عنه بعد مرور 13 يوما على إنتفاضة 28 کانون الاول/ديسمبر 2017، من إن منظمة مجاهدي خلق هي من تقف خلف الانتفاضة تخطيطا و تنفيذا، هل بإمکان خامنئي أن يخرج على العالم و يسحب تصريحه هذا و يعتبره مجرد زلة لسان؟

لکن الاهم من ذلك إن الموقف"اللافت للنظر ل"رضا بهلوي" الصغير، قد جاء في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية، في باريس، والذي وللمرة الاولى تقوم وزارة الخارجية الايرانية بالتنديد به و مطالبة فرنسا بمنع نشاطات منظمة مجاهدي خلق فيها، هل هذه کلها صدف؟ لکن لابد من التنويه عن نقطة مهمة، وهي إن هناك من أراد تسويق أبن الشاه کوجه لخلافة النظام الحالي المصاب ب"مرض الموت" الذي لانهوض منه، وهو أمر أشبه مايکون بأحلام العصافير، ولابد من إنه يسعى مجددا لمصادرة نضال 4 عقود للمنظمة و الذي أوصل الجمهورية الاسلامية الايرانية الى حافة الهاوية، وإن الفترة الزمنية القادمة ستثبت من الذي سيختاره الشعب و يرکن إليه.