تقدم المغرب رسمياً بملف ترشحه لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026 أمام الولايات المتحدة الأميركية وكندا (ضمن ملف مشترك) والمكسيك التي تتنافس للظفر بشرف احتضان العرس العالمي. 

ويأمل المغرب أن يحظى ملفه هذه المرة بثقة اعضاء عمومية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بعدما خذلوه من قبل اربع مرات، ليكون البلد الافريقي الثاني الذي يحتضن المونديال بعد جنوب افريقيا 2010 والبلد العربي الثاني بعد قطر 2022 ، في أول مونديال يشهد مشاركة 48 منتخبًا بدلاً من 32.

ويحتوي الملف المغربي على نقاط قوة متعددة تعزز فرصته في استضافة أكبر عرس كروي عالمي بعد 9 أعوام من الآن، بالنظر الى ما يتمتع هذا الملف من مزايا في شتى الجوانب المتعلقة بتنظيم بطولة بحجم كأس العالم .
 
صحيفة "إيلاف" وكعادتها تستعرض في التقرير الآتي النقاط الإيجابية التي احتواها الملف المغربي لتنظيم كأس العالم في خطوة منها لدعم الملف العربي ودعوة الجميع إلى المبادرة بدعمه من الاتحادات العربية ووسائل الإعلام.
 
جاهزية الملف المغربي
 
جاء تقديم المغرب ملف ترشحه لاستضافة نهائيات كأس العالم، بعد الوقوف على مدى جاهزيته وقدرته المادية وغير المادية لاستضافة البطولة من كافة النواحي وإزالة النقائص التي من شأنها ان تضعف من حظوظه. 
 
فما هو مدون في الملف يطابق ما تم إنجازه على أرض الواقع مما يشترطه الاتحاد الدولي لكرة القدم، من شروط أولية عند التقدم بملف الترشيح ، من أبرزها وجود بنية تحتية حديثة وصلبة خاصة الملاعب التي اصبح المغرب يتوفر عليها من مواصفات عالمية في اغادير ومراكش و طنجة و غيرها، وهو ما يكشف حرص المغاربة على تطوير البنية الكروية لتكون جاهزة متى ما تم الحصول على الموافقة على استضافة البطولة، وهو ما تشهد عليه مشاريع عديدة تم إطلاقها الفترة الأخيرة وستكون في نهايتها قبل انطلاق المونديال بأعوام. 
 
كما يتمتع المغرب بمرافق جيدة لها علاقة مباشرة بتنظيم البطولة، مثل شبكة الاتصالات والمواصلات والمستشفيات والفنادق والمطارات، والتي حرص على توفرها بشكل أكبر في هذا الملف، بعدما عانى ملف ترشيحه السابق لاستضافة مونديال 2026 من بعض السلبيات مثل قلة دورات المياه العمومية وضعف شبكة الاتصالات للهاتف المحمول، إضافة إلى بعض الأسباب الأخرى، وهو ما ساهم دون فوزه بتنظيم المونديال سابقاً ، حيث قدم المغرب هذه المرة ملفاً جاهزاً وليس ملفًا افتراضيًا يتم تنفيذه بعد الحصول على موافقة "الفيفا" على الاستضافة ، مع رصد ميزانية ضخمة بلغت تكلفتها 60 مليون دولار لإنشاء ملاعب جديدة.
 
خبرة وتجربة 
 
يقدم المغرب ملف ترشيحه لاستضافة كأس العالم للمرة الخامسة، بعدما سبق له ان تقدم بطلب ترشيحه لاستضافة أربع دورات نهائية، حيث خسر ملفه أمام الولايات المتحدة الأميركية لاستضافة مونديال 1994 ، ثم خسر أمام فرنسا لاستضافة مونديال 1998، وبعدها أمام ألمانيا في استضافة مونديال 2006 ، و أخيراً في 2010 أمام جنوب افريقيا ، حيث كان الملف المغربي خلال الدورات الأربع الحلقة الاضعف بين الملفات المرشحة لنيل ثقة اعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد الدولي الكرة القدم، خاصة افتقاره إلى البنية التحتية الكروية وملحقاتها القوية الجاهزة. 
 
هذا وأصبح المسؤولون عن الملف المغربي لديهم دراية وافية وكافية بشأن الطريق نحو الحصول على ثقة الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي تتفرع منه طرق متشعبة بعضها معبد وأخرى ترابية ، ولكنها تؤدي إلى الهدف المنشود في نهاية الأمر، فالجاهزية المادية لوحدها غير كافية ، فهناك الكثير من الكواليس التي لها تأثير مهم على قرارات الاختيار بين الملفات ، في وقت قام المغرب بخطوات استباقية في هذا الصدد لكسب دعم الأسرة الكروية القارية والدولية ، خاصة الاتحادات الافريقية والعربية التي تشكل وعاء انتخابياً قوياً في عمومية "الفيفا".
 
حضور مغربي قوي
 
شهدت الفترة الأخيرة حضوراً مغربياً قوياً على الصعيدين القاري والدولي، خاصة بعد انتخاب فوزي لقجع في المكتب التنفيذي للاتحاد الافريقي وقيامه بخطوات كبيرة لتطوير الكرة المغربية والافريقية ، بدليل احتضانه الندوة الخاصة بتطوير الكرة الافريقية في مدينة الصخيرات في شهر يوليو المنصرم، وهي الندوة التي كانت قد حظيت بمتابعة اعلامية عالمية بعد الوجوه البارزة التي شاركت فيها والإشادة الكبيرة التي وجدها المغرب من قبل رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم ورؤساء اتحادات قارية ووطنية بالإضافة إلى نجوم كرة القدم ، وهو الحضور الذي يعكس نظرة العالم للمغرب الجديد في كرة القدم، حيث اصبح يتصدر المشهد الكروي في "القارة السمراء" بعد سنوات عجاف.
 
كما ان السنوات الأخيرة كشفت العلاقات القوية التي ربطها رئيس الاتحاد المغربي على مختلف الاصعدة التي بإمكانها خدمة الملف المغربي ، بالإضافة إلى استضافته لبطولة كأس العالم للأندية عامي 2013 و 2014 ، وأيضاً استضافته مباراة كأس السوبر الفرنسي فى عام 2011 ثم هذا العام 2017 في مدينة طنجة، وهو ما ساهم في الترويج الإعلامي والجماهيري للمستوى الذي وصل إليه المغرب .
 
دعم قوي متعدد الأطراف
 
يحظى الملف المغربي بدعم قوي ومتميز سواء من الداخل من قبل كافة المسؤولين الرياضيين والسياسيين والإعلاميين والجماهير ، وهم المسؤولون الذين يرون في احتضان المغرب للمونديال مشروع امة من شأنه ان يرتقي بها خطوات مهمة نحو الأمام لتطوير الرياضة وتحديث قطاعات عديدة في البلاد. 
 
كما يحظى الملف المغربي بدعم الاتحاد الافريقي والاتحاد الدولي بعدما أعلن رئيساهما الملغاشي أحمد أحمد والسويسري جياني انفانتينو عن موقفيهما مباشرة بعد إعلان المغرب تقدمه بملف ترشحه لاستضافة كأس العالم 2026 ، وهو موقف وإعلان صريح بأحقيته في تنظيم هذا العرس العالمي.
 
ويلقى الملف المغربي دعماً من قبل الاتحادات الافريقية و العربية، والذي قد لا يحتاج لهذا الدعم والتأييد سوى بإعادة تفعيله من قبل الاتحاد المغربي في المرحلة المقبلة.
 
الأولى للمغرب
 
النقطة الإيجابية التي يتوفر عليها الملف المغربي تتمثل بترشحه لاستضافة نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخ البطولة، في حين ان المكسيك والولايات المتحدة الأميركية سبق لهما ان نظمتا البطولة ذاتها سابقاً، حيث استضافت الأولى النهائيات مرتين في عامي 1970 و 1986 ، بينما فازت الثانية بتنظيم البطولة في عام 1994 ، بينما المغرب تقدم مراراً و تكراراً بطلب الاستضافة ولم يحصل على هذا الشرف حتى الآن. 
 
وتنص اعراف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) على اتباع سياسة التدوير والتنظيم في مختلف بطولاته وخاصة كأس العالم، إذ ان حرمان المغرب من شرف الاستضافة هو خروج وتخلٍّ عن هذه الاعراف، التي أكد بشأنها الرئيس الجديد للاتحاد الدولي السويسري جياني إنفانتينو تمسكه وحرصه على الالتزام بها على ارض الواقع ، خاصة ان المغرب لا يمثل فقط بلداً واحداً بل يمثل منطقة شمال افريقيا التي تبقى الوحيدة التي لم تستقبل ضيوف المونديال رغم مرور قرن على تأسيس البطولة.
 
فرصة العودة إلى وسط العالم
 
يحتوي ملف المغرب على نقطة إيجابية مميزة تتعلق بمكان استضافة واحتضان المونديال ، فالوقت بالنسبة إلى الجماهير قد حان لتعود تنظيم النهائيات إلى وسط العالم بعد دورات عديدة نظمت على اطراف القارات في جنوب افريقيا 2010 ثم البرازيل 2014 ثم روسيا 2018 وأخيراً في قطر 2022. 
 
ويتوفر المغرب من الناحية الجغرافية والمناخية على مزايا مثالية لاحتضان كأس العالم وسط حضور جماهيري محلي وخارجي قوي في توقيت زمني نموذجي، بعدما عانت جماهير كرة القدم في الدورات السابقة من الفوارق الزمنية الكبيرة والصعوبات المناخية، خاصة ان النهائيات التي نظمتها إيطاليا في عام 1990 أو إسبانيا في عام 1982 لا تزال راسخة في ذاكرة الجماهير والمتابعين.