الرباط: يعول المغاربة على خبرة مبارك بوصوفة وحماسه في رقعة الملعب لقيادة "أسود الأطلس" نحو مشاركة جيدة في نهائيات كأس العالم روسيا 2018 في كرة القدم، حيث ينتظر أن يواجه المنتخب المغربي منتخب إيران يوم 15 يونيو على أرضية ملعب سانت بترسبرغ، ثم منتخب البرتغال يوم 20 يونيو على أرضية ملعب لوجنيكي، ومنتخب إسبانيا يوم 25 يونيو على أرضية ملعب كالينينجراد.

دموع رجل
يرى المغاربة في بوصوفة ملهماً لزملائه؛ أما دموع فرحه، خلال نهائيات كأس أفريقيا الأخيرة بالغابون، بعد تسجيل المهاجم رشيد عليوي هدف التأهل إلى الدور الثاني، الذي لم يصله المنتخب المغربي منذ (كان) تونس 2004، فقد زادته حباً بين المغاربة، لخصه الحقوقي والشاعر صلاح الوديع، حين كتب: "بوصوفة السخي، بوصوفة الودود، بوصوفة المستميت، بوصوفة الدمث الخلق، بوصوفة العملاق في قده "المربوع" كما يقول المغاربة. مراراً تصل كآبتي منتهاها مما نحن فيه أو ما قد نكون فيه. لكن دمعة واحدة تمحو كل شيء. تغسل كل شيء. تعيد الروح لكل الحنايا. ليس بالضرورة لأن هناك انتصاراً تحقق. بل لأن اللحظة فجرت مكنونها بالشكل الذي اختارته فينا. فجرت فينا حبنا للبلد. هنا وليس هناك أو هنالك. هنا حيث مهدُنا وسبيلنا وسماؤنا وأفقنا وهواء رئتينا ورغيف يومنا وقهوتنا المرة وابتسامتنا حينما نروق".

حب القميص وفعل الخير
قدرة بوصوفة الهائلة على البذل والعطاء وشحذ همم زملائه داخل الملعب، بشكل يؤكد روح الفريق والغيرة على قميص المنتخب وألوان العلم الوطني، نجدها حاضرة خارج المستطيل الأخضر، من خلال مؤسسة خيرية، تحمل اسمه، لمساعدة الناس المحتاجين. وهو يدين في ذلك إلى نشأته في بيئة تحث على العطاء وإلى معتقداته الدينية، التي يقول إنها تحثه دوماً على حب الناس ومساعدتهم.

مسار حافل

ولد بوصوفة، الذي تنحدر عائلته من منطقة كلميم (جنوب المغرب)، قبل 33 سنة، بأمستردام في هولندا، في 15 أغسطس 1984. وبدأ مساره الاحترافي رفقة فريق أجاكس أمستردام، ما بين 1997 و2003، قبل أن ينتقل إلى فريق تشيلسي الإنجليزي، ومنه إلى فريق غينت البلجيكي، حيث لعب موسمين، لينتقل، في موسم 2006، إلى فريق أندرلخت البلجيكي، الذي تألق رفقته، كصانع للألعاب وهداف متميز، ليتم اختياره أحسن لاعب في البطولة البلجيكية، لثلاثة مواسم (2006 و2009 و2010)، قبل أن ينتقل، في 2011، إلى فريق آنجي ماخاشكالا الروسي، ومنه إلى فريق لوكوموتيف موسكو، في 2013. وهو يلعب، حالياً، في صفوف فريق الجزيرة الإماراتي.

بين مونديالين
تحدث بوصوفة، خلال حوار مطول أجراه مع موقع (فيفا. كوم)، عن "عودة أسود الأطلس إلى العرس العالمي وحظوظ أبناء المدرب هيرفيه رينار بمواجهة الثنائي الأيبيري والعملاق الآسيوي، بالإضافة إلى عودته إلى روسيا، التي أمضى فيها ست مواسم مع أنجي ماخاشكالا ولوكوموتيف قبل أن يستقر عام 2016 في الإمارات مع عملاق أبو ظبي نادي الجزيرة".

واعتبر موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم أن عام 2017 كان مثالياً بالنسبة للنجم المغربي، من منطلق أنه "كان أحد الركائز المهمة في مشوار التأهل الناجح لمنتخب المغرب في تصفيات أفريقيا وبلوغ نهائيات كأس العالم روسيا 2018، ثم حقّق نجاحاً لافتاً مع ناديه الجزيرة الإماراتي عندما احتل معه المركز الرابع في كأس العالم للأندية التي جرت في الإمارات خلال ديسمبر الماضي. وقد لعب لاعب الوسط ذو الثالثة والثلاثين عاماً دوراً محورياً في مشوار المنتخب المغربي بعدما شارك في جميع مباريات فريقه في المجموعة الثالثة من التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى روسيا 2018 ، وسيأمل بأن يواصل نجاحاته عندما يقود منتخب بلاده في المجموعة الثانية للعرس العالمي إلى جانب البرتغال وإسبانيا وإيران".

طموح مشروع

عن رأيه في قرعة روسيا 2018، وحظوظ المنتخب المغربي في المجموعة الثانية، إلى جانب البرتغال وإسبانيا وإيران، قال بوصوفة إن "المجموعة صعبة بدون تأكيد ولكن هذه حقيقة ونعلم بأنها ستكون صعبة ولكن يجب أن نتمسك بحظوظنا لأنه في كرة القدم الكل يملك فرصة. سيكون المنتخب جاهزاً من أجل تحقيق نتيجة جيدة. وهذه الذهنية التي يجب أن ندخل بها البطولة. سنواجه منتخبات كبيرة ونعلم بالطبع ما ينتظرنا وسنرى ما سيحدث".

وعن طموح المنتخب المغربي في نهائيات روسيا، قال بوصوفة: "إذا لم يكن لدينا الطموح من أجل الوصول على الأقل إلى الدور الثاني فيجب أن نبقى في المنزل! لن نخوض كأس العالم من أجل المشاركة فقط أو لكي نقول بأننا لعبنا بشكل جيد وخضنا كأس العالم. أعتقد أن طموحنا هو الوصول إلى الدور التالي".

وعن أولى مباريات المنتخب المغرب، والتي ستكون ضد إيران، قبل مواجهة البرتغال وإسبانيا، وإن كان بإمكان المباراة الأولى أن تمنح "أسود الأطلس" الأفضلية، قال بوصوفة: "لا أعتقد أن المنتخب الإيراني سيكون خصماً سهلاً وهو ما نعلمه بشكل جيد. إنهم فريق قوي وقد أنهوا التصفيات الآسيوية في صدارة مجموعتهم ولم تدخل شباكهم الكثير من الأهداف أيضاً. ندرك أنهم لن يستهينوا بنا فهذه البطولة تجعل الجميع في حالة تركيز كبير فكيف إذا كنت تنافس في مثل هذه المجموعة الصعبة. لذلك يجب أن ندخل كل مباراة بذهنية كبيرة وأن نكون مستعدين جيداً لمواجهة كل المنافسين سواء في المباراة الأولى أو الأخيرة. لكن بالطبع فرصنا في التأهل ستزيد أو تقل بالاعتماد على نتيجة المباراة الأولى".

ذكريات جميلة

واستعاد موقع الاتحاد الدولي مع بوصوفة ذكرياته، مع مشاركات سابقة لمنتخب بلاده، خصوصاً في مونديال المكسيك، سنة 1986، مع جيل عزيز بودربالة وبادو الزاكي وعبد الرزاق خيري وعبد المجيد الظلمي ومحمد التيمومي؛ وفي مونديال فرنسا، سنة 1998، مع جيل مصطفى حاجي ونور الدين النيبت ويوسف شيبو وصلاح الدين بصير.

وقال بوصوفة، عن جيل 1986: "كان هناك الكثير من القصص الرائعة حول المنتخب المغربي في 1986. كان هذا الأمر منذ فترة طويلة وكان المنتخب آنذاك يملك أحد أفضل الأجيال الكروية في تاريخ الكرة المغربية ووصل إلى دور الستة عشر في البطولة وخسر أمام ألمانيا بصعوبة (فاز المنتخب الألماني بهدف نظيف سجّل في الدقيقة 88). لقد كان إنجازاً كبيراً بالنسبة للمغرب. لا أتذكّر الكثير من البطولة ولكني بالتأكيد أعرف اللاعبين كما أنني شاهدت بعض الصور والفيديو من تلك المشاركة. لقد التقيت عدداً من اللاعبين مثل عزيز بودربالة المتواجد حالياً مع المنتخب".

وإن كان بمستطاع المنتخب المغربي تكرار فوزه على البرتغال، كما كان الحال في كأس العالم بالمكسيك، حيث انتصر المغاربة بثلاثة أهداف لواحد، قال بوصوفة: "لا يمكن قول ذلك، لأن منتخب البرتغال هو بطل أوروبا حالياً ويملك أحد أفضل اللاعبين في العالم. المنتخب البرتغالي هو فريق قوي ولا يزال يملك مدرباً ناجحاً وسيكون الأمر مختلفاً عن بطولة المكسيك. على الورق إنهم أقوى من منتخب البرتغال في 1986 ولكن سنرى ما سيحدث وسنكون مستعدون لكل مواجهة مع أي منتخب".

وبخصوص ذكرياته مع مشاركة المغرب الأخيرة في مونديال فرنسا، سنة 1998، قال بوصوفة: "أتذكر كثيراً تلك البطولة لأنني كنت في العاشرة من عمري ولا أزال أتذكّر أداء مصطفى حاجي وصلاح الدين بصير. لكنّ المنتخب لم ينجح في التأهل إلى الدور التالي في تلك البطولة بفضل نتائج المنتخبات الأخرى على الرغم من أنهم قدّموا أداءاً جيداً. حاجي حالياً هو أحد المساعدين لمدرب المنتخب وهو يشارك خبرته معنا وبالطبع شاهدنا لقطات فيديو عن ذلك المنتخب".

وعن لقب "ملك صناعة الأهداف"، الذي يحمله، قال بوصوفة: "عندما كنت ألعب في بلجيكا تم إطلاق هذا اللقب علي، لأنني كنت أصنع الكثير من الأهداف في كل موسم. شخصياً أحب تسجيل الأهداف ولكن أعتقد أن تخصّصي هو صناعة الأهداف. أحياناً أعتقد أن صناعة الأهداف هو أمر يحمل في طياته شيء أجمل من التسجيل. أتمنى أن أستطيع صناعة الأهداف في روسيا وطالما أن هذا الأمر سيُفيد المُنتخب فهو الأمر المهم".

حب الناس وفعل الخير

عن عطائه خارج الملاعب، خصوصاً فيما يرتبط بالأعمال الخيرية ومساعدة المجتمع، من خلال المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمه، قال بوصوفة: "لقد بدأنا المؤسسة الخيرية لمساعدة الناس المحتاجين عندما كنت في بلجيكا وقُمنا بعدد من المشاريع الخيرية. كلاعبين لكرة القدم نملك الكثير من النجاحات بفضل العمل الجاد وهناك العديد من الأمور التي تأتي لنا في الحياة ولا يملكها الكثير من الناس لذلك يجب أن نُعطي في المقابل. شخصياً لقد نشأت في بيئة تحث على العطاء كما أن معتقداتي الدينية تحثّني دوماً على حب الناس ومساعدتهم وأتمنى القيام بالكثير من المشاريع الخيرية في المستقبل".