من منا لا يريد أن يحافظ على شبابه وعلى شعوره بالشباب الدائم رغم تقدمه بالسن؟

فمن المحتمل أن يكون هناك شيء من الصحة في القول المأثور "إن العمر هو ما تشعر به"، فالعمر على الورق أو المعروف علميا بالعمر الزمني هو الذي يرتبط بيوم الميلاد، أما العمر الذاتي فهو مدى شعور الشخص بالعمر، والذي يجسد تصور الفرد لحالة الشيخوخة الخاصة به.

والمفتاح الأساسي بين أيدينا، فالنوم الجيد أثناء الليل هو السر.

احمِ نومك تحمِ شبابك

النوم
Getty Images

توصلت دراسة جديدة نشرها موقع ساينس أليرت الطبي إلى أن النوم لمدة تتراوح بين 7 إلى 9 ساعات يمكن أن يجعلك تشعر عند الاستيقاظ بأنك أصغر عمرا بسنوات.

وقد لا يكون هذا التصور موجوداً في مشاعرك فقط، فالدراسات أظهرت أن مجرد الشعور بالشباب يرتبط بصحة عقلية وجسدية أفضل، وعمر أطول.

وكانت الأبحاث السابقة قد بينت أن الشعور بالشيخوخة يرتبط بسوء نوعية النوم، لكن أبحاثا حديثة أظهرت أن النوم قد يؤثر كثيرا وفعليا على العمر الذاتي، وهذا ما أكده علماء الأعصاب في معهد كارولينسكا السويدي.

وكتبت ليوني بالتر الباحثة في قسم علم النفس في جامعة ستوكهولم والأستاذ جون أكسيلسون، أن النوم قد يكون أكثر أهمية بالنسبة للإنسان حتى يشعر بحيوية الشباب، فالنوم وهو ظاهرة بيولوجية حيوية قد يحمل المفتاح للشعور بالشباب".

فقلة النوم كما هو معروف تمتص منك الطاقة والمتعة بالحياة، ويمكن أن تعبث بمشاعرك، فتكره كل ما حولك، وتجعل كل ما يحيط بك مؤلما فيؤذيك ويغير نظرتك للآخرين.

وللتحقق من كيفية تغيير النوم للإحساس بالسعادة والشباب أجرت بالتر وأكسيلسون تجربتين.

تضمنت التجربة الأولى 429 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عامًا، وشملت فترة شهر، واستطلعت آراءهم بشأن عدة جوانب في حياتهم، وكانت الأسئلة تدور حول مدى شعورهم بالعمر، وعدد الأيام التي لم يحصلوا فيها على قسط كافٍ من النوم، ومدى النعاس الذي كانوا يشعرون به.

وتبين أنه في كل ليلة لم يحصلوا فيها على قدر كاف من النوم، شعروا بأنهم أكبر سنا بمتوسط ​​0.23 سنة. أما الذين ناموا نوما عميقا فقد شعروا بأنهم أقل من عمرهم الحقيقي بست سنوات تقريبا.

كيف تشعر لو نمت أربع ساعات فقط؟

القلق وعدم النوم
Getty Images

وأجريت التجربة الثانية على 186 شخصًا دون الـ46 عامًا لمعرفة أولا كيفية تعاملهم مع 4 ساعات فقط من النوم لليلتين، ثم النوم 9 ساعات لليلتين أخريين.

وبالمقارنة مع ليلة نوم كاملة، فإن النوم المحدود أشعر المشاركين بأنهم أكبر سنا بأربع سنوات ونصف تقريبا في المتوسط.

علاوة على ذلك، أظهرت النتائج أن مشاعر النعاس واليقظة كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإحساس الشخص بالعمر.

فعندما تكون أكثر يقظة تحس بأنك أصغر سنا بأربع سنوات في المتوسط، لكن الشعور بالنعاس بحسب التجربة يرتبط بالشعور بالكبر بمقدار ست سنوات تقريبا.

وتوضح بالتر: "الشعور بالنعاس يمكن أن يجعلك تشعر بأنك أكبر بعشر سنوات. وهذا يعني أن تحول الحالة الذهنية من اليقظة إلى النعاس يؤثر على مدى شعور الإنسان بعمره".

ومن النتائج الأخرى المثيرة للاهتمام أن المشاركين الذين عرفوا أنفسهم بأنهم "أشخاص صباحيون" أو من عشاق الصباح- على عكس الأشخاص المسائيين أو الذين يحبون السهر- شعروا بأنهم أصغر سنا عندما ناموا 9 ساعات كاملة في الليلة. ومع ذلك، تأثرت تصوراتهم السابقة عن أعمارهم عندما عانوا من الأرق خلال الليل.

ويدعو الباحثان إلى إجراء دراسات مستقبلية تكشف سبب ارتباط النوم بالعمر. إذ يرون أن "النوم العميق ربما يكون عاملاً مباشرا في الشعور بالشباب".

وتقول ليوني بالتر: نظرا لأن النوم ضروري لوظيفة الدماغ والصحة العامة، فقد قررنا اختبار إن كان النوم يحمل أي أسرار للحفاظ على الإحساس بالشباب.

إن الشعور بالشباب ليس مجرد مسألة إدراك، فهو في الواقع يرتبط بممارسات صحية، وقد أظهرت الدراسات السابقة أن الشعور بأنك أصغر من عمرك الفعلي يرتبط بحياة أطول وأكثر صحة.