هكذا يبدي وزير الخارجية الإيراني قلقه من تصاعد الموجة الطائفية في المنطقة!
نظام ولاية الفقيه برئ كل البراءة من هذه اللوثة والتشجيع عليها. ليس هو من يحتضن ويدعم المليشيات الطائفية الإرهابية في العراق، وليس هو صانع حزب الله الطائفي، الذي يقاتل الشعب السوري باسم حماية مرقد زينب. وليس هو وراء فتن الحوثيين، وغلاة الطائفية في البحرين، من رافعي شعار دولة دينية مرتبطة بإيران. وليس هو من كان يرفع شعار أن طريق فلسطين يمر بكربلاء.
المراوغات وحرفة النفاق والغش بضاعة معروفة لهذا النظام الدكتاتوري، الذي يعرف كيف يبدل التكتيك والخطاب وفق حسابات المصلحة، كما يفعل اليوم بمخاطبة أميركا والغرب والتظاهر بحسن السلوك مع أنه عازم بإصرار على الوصول لكل غايات الهيمنة والقنبلة.
إن هذا النظام، الذي يستبيح تقتيل السجناء وتسميمهم وتحريض المالكي على إعدام اللاجئين العزل، ليس مهموما بالمذهب كمذهب، ولا بمصلحة الشيعة أينما كانوا، بل هو نظام يضع مصلحة وحسابات إستراتيجية النفوذ والامتداد، وبجميع الوسائل، قبل أي مذهب ودين . ولذا يتعاون مع القاعدة لتدمير العراق، ولتفجير الحرب الطائفية هناك، وكان يضطهد الغالبية من الشيعة العراقيين المهجرين ويتعامل معهم بغطرسة عنصرية. إنه نظام قوماني عنصري توسعي ، له المطامح الإمبراطورية السابقة ذاتها، وذلك قبل أن يكون أي شيء آخر. ولذا فهو مثلا يصر على وصف الخليج بالفارسي، وعلى احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، وعلى اضطهاد شعب عربستان، وعلى تقتيل لاجئي أشرف وليبرتي في العراق وهم شيعة، وعلى الاستمرار في ادعاء عائدية البحرين.
لقد حقق هذا النظام الكثير من أهدافه التوسعية برغم معاناته الاقتصادية بسبب العقوبات. لقد قطع معظم الأشواط نحو تصنيع القنبلة، وهو يهيمن على مقدرات العراق وسورية ولبنان، ويتدخل في اليمن والبحرين، ويفرض نفسه حلالا لمشاكل سورية مع أنه في مقدمة صانعي هذه المشاكل لضلوعه في الحرب بكل الوسائل. وهو أيضا يحاول استغلال الورقة الكردية في العراق وسورية بالاتجاه المناقض لمصالح الأكراد ولصالح دعم نظامي بشار والمالكي.
الوزيران الإيراني والتركي، اللذان تعانقا بعد فراق وتوتر، يسرعان لإدانة الطائفية في المنطقة، مع أن لكل من نظاميهما دورا ملموسا في الظاهرة. فتركيا لا تزال تدعم إخوان مصر والإخوان السوريين وكانت، حتى وقت قريب، تفتح الأبواب لجهاديي القاعدة التكفيريين والدمويين الطائفيين بعبور الحدود للمشاركة في الحرب الدائرة لحساباتهم الخاصة، واقتراف جرائم رهيبة من نفس طبيعة النظام السوري الدموي. وبعد فترة توتر بين إيران وتركيا، فها هما تتصافحان في لقاء لا يبشر بأي خير لشعوب المنطقة واستقرارها، بينما أردوغان يواصل سياسات أخونة المجتمع والدولة، والإجهاز على تركة مصطفى كمال العلمانية، وتقليص الحريات وضرب المعارضة، وإيران الفقيه سائرة على نفس الدرب الذي أرشد له خميني، ولنفس الغايات. والنظامان يتخاصمان ويتصالحان حسب المصلحة، ولا تهمهما فوضى المنطقة والمذابح الجارية في سورية والعراق وخراب لبنان وبقية الأرجاء. وبالتالي،،فليس من سياساتهما مكافحة الطائفية، بل استغلالها والنفخ فيها وفقا لحسابات خاصة.