اليس غريبا ان تحضى مرجعية النجف بتقديس مبالغ فيه وهي لا تستحقه؟ وخصوصا اذا ما تم التركيز والبحث حول المئة سنة الفائتة من تاريخها البائس، الذي لايليق بالعراق ودوره الاهم في التاريخ، ولكن فقط اذا استثنينا فترة مرجعية محمد تقي الشيرازي، الذي افتى بالتصدي للقوات البريطانية التي احتلت العراق انذاك و كانت تحاول ان تفرض الهيمنة والبقاء، حتى فوجئت بثورة 1920، رغم معاناة الشعب العراقي القاسية في حينه التي سببها له الاحتلال العثماني الخبيث الذي عزلهم عن حركة التطور التاريخي.

&وتاتي بعد ذلك مرجعية النجف ليتستكمل هذا العزل التاريخي، ومثال على ذلك فان المرجعية في بدايات تاسيس الدولة العراقية، وقفت بالضد من التعليم المدني وبالتالي حرمت ومنعت الشيعة من بنين وبنات من الالتحاق بالمدارس الحكومية. وحرمت ايضا قراءة الجريدة وحرمت مشاهدة التلفزيون والسينما لاحقا والخ من الممنوعات التي استهدفت كل شيء تقريبا حيث جعلت كل سكان الوسط والجنوب اميين لايدركون اهمية القراءة والكتابة! حتى ان الملك فيصل الاول في بداية تسلمه الحكم في العراق لم يجد الا علي الشرقي الشيعي الوحيد ليعينه بمنصب وزير بلا وزارة ليعد له الخطابات الملكية لانه كان يتمتع بمؤهلات خاصة.

&ومع كل ذلك فان مرجعية النجف استمرت برجعيتها القروسطية وتخلفها دون ان تفكر باصلاح مناهجها او تصحيح فهمها الساذج للدين والحياة. وكانت ومازالت تنتقد وبشدة اي محاولة تحديث وتطوير لها مما ادى الى ظهور الكثير من المعممين البسطاء الذين روجوا الى ممارسات سيئة واعتقادات خاطئة لا تنسجم مع الدين الاسلامي،الا القليل القليل منهم من كان يتمتع بوعي جيد وبالتالي كان ممكن يفرض عليك ان تصغي له، مثل الراحل الشيخ الوائلي الخطيب المفوه والواسع في اطلاعه على الاسلام بشكل عام، وايضا من المراجع الذين تركوا للحوزة العلمية عدة مؤلفات مهمة واهمها كتاب علم الرجال شبه (السسيولوجي) الذي يبحث بسلوك رواة الحديث، للسيد الخوئي ولكن السيد الخوئي كان استفزازيا باهماله للسياسة بحيث ينطبق عليه القول تماما وهو انه لم يامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا ما يتعارض مع مفهوم الاسلام بشكل اساسي كما هو وغيره يؤمنون به وناهيك عن ان الاسلام لايقبل فصل او عزل السياسة عن الدين، وهذا هو شعارهم ولكن لا نعرف لماذا هم يتناقضون مع مايروجون له بالتنظير ولكنهم يرفضونه بالتطبيق؟

باختصار كان السيد الخوئي مسايرا ومجاملا طيلة حياته بحيث لم يسجل له اي اعتراض او اي انتقاد الى نظام سياسي ولم ينتقد اي شيء، فمثلا كان هو الرجل الثاني في المرجعية اي بعد السيد محسن الحكيم والحكيم كانت له علاقة مميزة مع شاه ايران عميل امريكا،والسيد الخوئي لم يعترض على هذه العلاقة وبعد وفاة السيد محسن الحكيم صار هو المرجع واتبع نفس اسلوب سلفه وهو اسلوب الاهمال والابتعاد عن هموم ومشاكل الشعب العراقي الذي بدأ يواجه في وقتها قسوة نظام البعث الهمجي، ولكن للاسف لم يكن السيد الخوئي على قدر المسؤولية كي يمارس دوره كمرجع مسؤول عن سلامة العباد والبلاد كما هم يعبرون، ليتصدى الى الظلم الذي لحق بالشعب العراقي بينما البعض من رجال الدين الذين يفهمون الاسلام بشكل جيد كانوا من المؤمنيين الاقوياء حيث لم تؤثر عليهم الانظمة السياسية كالشيخ الشهيد (شاكر البدري) والسيد محمد باقر الصدر والشيخ عارف البصري.

&ومنهم ايضا المرجع الفاخر والمهذب الراحل محمد حسين فضل الله الذي تعرض الى حملات التشويه والتخريب لسمعته لمجرد انه اختلف مع بعض السائد من الموروث الشيعي المخالف للعقل والمنطق، اما المرجع الاهم بحق في تاريخ مرجعية النجف على الاقل في العصر الحالي فهو السيد كمال الحيدري لما له من مؤلفات مهمة وبحوث مهمة حقا انه اصلاحي مهم على مستوى الفكر والنقد،وهو على خلاف شديد مع السيد السيستاني الذي هادن الاحتلال الامريكي هو ومن معه واضف الى هذا فهو ضد العملية السياسية الفاشلة ولو ان موقفه الى الان ليس كافيا، بل عليه ان يكون اقوى واكثر وضوحا لكي يعرف الشعب العراقي، ان مرجعية النجف الحالية التي يقودها المرجع التقليدي السيد السيستاني بانها هي التي ورطتهم باحزاب شيعية فاسدة وناهيك عن ان السيد السيستاني الذي لم يقدم اي شيء مميز او اي شيء جديد للاسلام ولا حتى الى المذهب الشيعي!

&