&

اتهمت النائبة فردوس العوادي من كتلة المالكي، الولايات المتحدة الامريكية بالتحضير لتقسيم العراق بعد اندحار داعش من المنطقة، من خلال خطة وضعتها مسبقا. إشارة الى قرار الكونكرس الأمريكي بالدعوة الى إقامة محافظة لتضم الأقليات المهمشة في محافظة نينوى، والجدير ذكره ان هناك الكثير من الدعوات يوجهها الكونكرس الأمريكي، ولكنها غير ملزمة قانونا للحكومة الامريكية، بل تعتبر من باب ابداء التعاطف والتفهم لامر ما.

السيدة النائبة، والغالب ان اغلبية نواب شعبنا العراقي هم نوائب اكثر مما هم صوت الشعب ومعبرا عن تطلعاتهم وامالهم ومخاوفهم. السيدة العوادي منتخبة من قبل الشعب، وبموجب وثيقة أساسية نسميها الدستور العراقي، وهذا الدستور يجيز إقامة أقاليم وليس محافظات، واعترف الدستور العراقي عند صدوره بالأمر الواقع والقائم أي إقليم كوردستان. كل ذلك ومقررات مجلس الوزراء العراقي بتاريخ 21 كانون الثاني 2014 بتحويل بعض الاقضية الى المحافظات، والأقضية التي شملها قرار الحكومة بتحويلها إلى محافظات هي قضاء طوزخورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين الذي يسكنه التركمان، وقضاءي تلعفر الذي يسكنه التركمان و منطقة سهل نينوى الذي تسكنه مجموعات متقاربة من الاشوريين والشبك والازيدية وبعض الكورد المسلمين والعرب، كل منهما محافظة وكلاهما تتبعان لمحافظة نينوى، وأخيرا الفلوجة التي تقطنها اغلبية من السنة من والتابعة لمحافظة الأنبار حاليا والتي لا تبعد سوى ٦٠ كيلومترا عن بغداد. كما ان مجلس الوزراء قرر في نهاية 2013 قد اعلن حلبجة محافظة. كل هذه الخطوات لا تؤدي الى تفتيت العراق وليست جزء من خطة ما، ولكن قرار او دعوة من مجلس الشيوخ الأمريكي هو الذي سيؤدي الى ذلك!!

الظاهر من طبيعة ممارسة السياسة في المنطقة، ان شعوبها وقياداتها، قد اختارت اسهل الطرق للتعبير عن الممارسة السياسية من خلال رفع المسؤولية عن الذات ورميها على احد ما، وهي هنا اميركا وفي الغالب إسرائيل.

هذه النائبة اما انها لا تعيش في العراق ولم تتطلع على الدستور العراقي والمناقشات التي سبقته او انها لا ترى ولا تسمع الا ما تريده غرائزها وميولها الطائفية والقومية. ونتيجة للميول القومية والطائفية، التي غرزت في عقول المسؤولين، فان مناطق الأقليات القومية والدينية، كانت في الغالب مهملة ولم تمتد اليها يد التنمية والتطوير، لا بل تم تهميش هؤلاء من تبواء مناصب ليس استنادا الى حقهم في تمثيل مكوناتهم، بل استنادا الى حقهم استنادا الى ما يمتلكونه من القدرات والامكانيات المتأتية من التعليم والانفتاح والاطلاع على التجارب العالمية. هذه النائبة لم تعلم ان جيران أبناء هذه الأقليات من العرب في الغالب، كانوا اول من استولوا على ممتلكات جيرانهم حينما اضطرتهم التنظيمات الإرهابية الى ترك مناطقهم. هذه النائبة، لا تتفهم الرغبة لدى أبناء هذه المناطق في بناء مناطقهم بعيدا عن وصاية اخرين لا ينظرون اليهم، الا على أساس لقمة سائغة يمكن بلعها دون خوف من المسألة كما حدث كل هذه السنين.

ان كل محاولة تطوير مناطق الأقليات او المكونات الغير... تعتبر محاولة لتفتيت العراق، ولكن المناداة والعمل والدعوة لتحويل الجنوب الى إقليم او ثلاثة أقاليم، كان امرا عاديا، بنظرها وبنظر اخرين!

كل تجاربنا مع اغلب المسؤولين الوطنيين وفي أي درجة كانوا، تثبت عدم قدرتهم على تفهم المخاوف الحقيقية، لدى هذه المكونات، ان مبعث ذلك يعود في الحقيقة الى نرجسية بغيضة، منبعها اعتبار الذات والهوية الذاتية هي الأهم وهي التي تستحق كل رعاية اما هويات الاخرين وذواتهم ان لم تكن في خدمة الهوية الغالبة فهي محاولة لسلب والاعتداء، يجب وقفها والتحوط منها واعتبار أي حركة منها هجوم عدواني يصيب الذات المصابة بالنرجسية بمقتل. ان الأقليات في ظل هذا المنظور لا يستحقون أي حق، يكفيهم حق الحياة التي يتمتعون به، وحتى لو تم تجريدهم من هذا الحق، فعليهم عدم الشكوى لانهم عاشوا سنين طويلة في كنف الذات النرجسية ولم يتعرضوا لأي اذية.

كل ما حدث ويحدث في المنطقة من الحروب الداخلية، ومن القتل على الهوية الطائفية، (سنة، شيعة) وبشكل معلن وغير مغلف هذه المرة، وكل التدمير الذاتي الذي لا تحفظ له الذاكرة بمثيل، ولا اعتقد انه حتى في زمن المغول وهجماتهم تعرضت البنى التحتية لكل هذا الدمار كما يحدث الان، بحيث ان مدن كاملة كادت ان تمسح بالأرض، لم تعلم السيدة العبادي أي شيء، لم تعلمها كيف تفكر في بناء وطن يفتخر ابناءه بالانتماء اليه، يتمتع ابناءه بالحريات وبالمساواة وبما يحويه وطنهم من الثروات. ولم تدفعها الى التقدم الى المجلس الذي هي عضوة فيه، بمقترحات او مشاريع لتطوير مناطق أبناء الأقليات او للحفاظ على مميزاتهم ودعمها، او لتعريف اخوتهم العراقيين بأحوالهم وما تعرضوا له، وما يمتلكونه من مميزات تغني الوطن

ان أمثال هذه النائبة، هم احد أسباب تعاسة العراقيين ودمار العراق وسيره في طريق التفتت والانقسام، لانهم يريدون كل شيء لهم ولمكونهم، ولا ما نع لديهم ان خسروا المكونات الأخرى، سواء بدفعهم للهروب او تعرضهم للقتل او الانصهار التدريجي في بوتقة الأكثرية. ان امثالها سبب النوائب التي تحل على العراقيين، لانهم لم يدركوا لحد الان خسائر العراق بخسارة يهوده. ان حساباتهم سوقية منحطة، يعتقدون ان كل من ترك العراق، فهم سيرثون ما يتركه، ولا يدركون ان الانسان هو الثروة، وكيف اذا كان هذا الانسان ممن رعته اسرته ودفعته لكي يتعلم افضل تعليم، لأنه سلاحه الوحيد في الحياة.

[email protected]