&

كعادتهم وفي تكرار لنفس الأسلوب بالتحضير والتكفير وتهييج العامة ثم القتل وكأن ما جرى أقل من المعتاد قتل ناهض الحتر بدم بارد، ففي شعوب اعتادت أن تقتل بعضها بسبب أو بدون تكون المحصلة أمراً لا يستحق أن يستغرب.

الرصاصات الثلاث التي قتلته أمام باب المحكمة في عمان لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة طالما لم يخرج شيوخ التكفير من صمتهم العاجي ويكفرون القاتل ويبرئن الضحية، وقاتل ناهض تسلح بفتوى تبيح قتل كل من يتعرض للذات الإلهية طالما ليس منهم ولا يعبر عنهم وتناسوا عمداً ما جاء في كتب شيخهم أبن تيمية عن حديث رؤية الله.

الرسم الذي أعاد نشره ناهض الحتر "لرب داعش" لا يختلف في التفاصيل عن رؤيتهم للجنة والثواب الذي ينالوه وهو يسيرون لرفع رايات إسلامهم الملطخة بدماء المسلمين الذين حولوهم إلى كفار طالما لم يبايعوا خليفتهم المزعوم ودولتهم المسخ ومن يستمع لشيوخهم وهم يحدثون الشباب عن الجنة والحور العين والأبكار وانهار الخمر والغلمان المخلدين يجد صورة مشابهة تماماً لكل ما جاء في الرسم دون تحوير أو افتراء.

بعد أن كفروه وهو من اعتبروه أصلا من الكفار صار موضوع القتل قضية وقت واختيار باب المحكمة لم يكن عبثياً بل رسالة أن القتلة هم القانون الإلهي ينفذوه بأيديهم طالما قرروا وحكموا فكيف لكافر أن يحكي عن ربهم الذين مسخوا صورته وشوهوا عظمته لتكون الجنة بالنسبة لهم أشبه بالخمارات ودور الدعارة.

المشكل اليوم ليس في الفتوى التي أباحت قتل ناهض فهؤلاء الذين تعودوا أن يباركوا القتل ويهللوا له لا يملكون شيء أخر يفعلونه سوى أن يرسلوا الناس لينتحروا ويضمنون لهم الجنة التي وعدوهم بها أو ليقتلوا من يعتبرونهم كفاراً ويرسلوهم إلى جهنم التي فيها سيخلدون.

عمق المهزلة والمأساة لا تكمن في الجريمة بل بمن خرج يهلل لها ومن اعتبر الرسم المنشور على صفحة ناهض أنه يمثل خالقه وأن لهم رب واحد هم وداعش فأي إله هذا الذي تعبدون.

هل يعقل أن يبقى من اصطلح على تسميتهم بشيوخ أهل السنة والجماعة بعد أن كفرنا البقية دفعة واحدة ساكتين مباركين لمن يدخل لمسجد ويفجر نفسه ولمن يدخل احد الأسواق ويفجر نفسه ويقتل من قادهم حظهم التعيس للمرور حينها أو الصلاة حينها ويعتبرون القاتل شهيد في سبيل الله.

المأساة في صمت هؤلاء واعتبار داعش إنهم من أمة الإسلام وأفعالهم شرعية لا غبار عليها وإن اعتراها بعض التشدد، لم يخرج احد ليقول أن الفتوى بأن من أراد تفجير نفسه كفر صريح ومن قتل نفس بغير حق كأنما قتل الناس جميعاً، لم يخرج أحد ليقول أن داعش والجماعات الإرهابية ليست من الإسلام، بل يعتبرون أن ما بينهم وبين داعش أكثر بكثير مما يجمعهم بمن يخالفهم الرأي ويجب قتله.

مات ناهض الحتر ومات قبله فرج فوده وسيموت بعضه كثر ولكن المحزن في الموت أن وراء قتل هؤلاء قتل وسيقتل أعداد من الأبرياء يفوق الخيال في انتظار أن نرى الفرقة الناجية التي ستدخل الجنة وتمارس فيها جنون الخمر ونكاح الحور العين يدور عليهم فيها غلمان مخلدون، ويذهب البقية إلى جهنم لأنهم رفضوا أن يبايعوا الخليفة البغدادي يوم أعلن دولة الخلافة فوق جماجم الأبرياء.

ونسي من هلل للجريمة أن داعش وغيرها يعتبرون كل من لم يواليهم كفاراً حل قتلهم فهل سيعلنون الولاء قبل البلاء أم في داخل كل واحد منهم داعشي صغير ينتظر فرصة إبراز مواهب القتل وقطع الرؤوس.

ويبقى السؤال هل لنا نحن وداعش رب واحد نعبده أم ليسوا منا ونحن لسنا منهم في الدنيا والآخرة، مات ناهض وداعش تكفرنا دون رحمة والجبناء يضعون رأسهم في الرمل على أمل أن تحتضنهم دولة الخلافة يوم تقوم وتغفر لهم لأنهم تخاذلوا عن نصرتها.&