&من وجهة نظري المتهالكة :

أن شعوب العالم الثالث لاتحتاج الى ثورات .. بقدر ماهي في حاجة الى قادة ثائرين على الفساد والجهل والتخلف والكهنوت.
وكلما كانت النوايا صادقة ، فلابد للأهداف أن تتحقق وأن يصل القائد الثائر الى غاياته ، بشرط أن تكون الغايات نبيلة وشريفة .
هكذا على مر التاريخ حقق القادة العظماء غاياتهم العظيمة إنطلاقا من قيم عظيمة تؤمن بحرية الإنسان وكرامته .
وما نسمعه ونقرأ عنه ونشاهد بعض فصوله هذه الأيام عن مايحدث من محاربة للفساد في المملكة العربية السعودية : هو تسونامي حقيقي بدأ من منتصف البحر بإتجاه الشواطيء وقد يقفز الى اليابسة ويجرف كل السدود والحواجز والعوائق التي تعترضه .
لا أحد يختلف على أن الفساد قد بلغ زباه منذ عقود .. وله فرسانه الذين أكلوا أخضر البلد ويابسه ، وأغلبنا له تجارب مريرة مع الفساد وكم من نزيه& كان أحد ضحايا المحاربين لذلك الفساد حين أعلن رفضه وشجبه واستنكاره لبعض الممارسات التي تسرق مال الشعب فعوقب بما لا يستحق حين أبى ضميره الحي أن يسرق .
كنت شاهد مرحلة رأيت فيها الكثير من ممارسة الفساد الاداري والمالي ، لكن صوتي كان يُخنق كلما قلت .. لا .. أو .. غلط .. ولم تنفع كل التقارير التي كتبتها ولا حتى مقالتي الشهيرة& عام ٢٠٠٣م في إيلاف :
فساد ابن قانون الغائب .
ولا مقالتي الأشهر التي نشرها الأديب عبدالله الجفري رحمه الله في عموده بجريدة الحياة في التسعينات الميلادية:
من أين لك هذا ؟
ولست هنا لأتكلم عن تلك المصاعب التي مررت بها في عملي بسبب رفضي لقبول الانتدابات الوهمية !
المهم : أن عجلة الفساد تطحن واقعنا منذ عقود .. وأخطر تلك العقود .. مرحلة التسعينات .. عندما كان شكل الفضيلة ينتشر كالنار في الهشيم .. فأصبح كل فاشل ومتخلف ومعتوه لا يحتاج أكثر من ثوب قصير ولحية مركبة كي يزيح مبدعا ويحل محله .
ولازلت اذكر مقالتي الشهيرة في إيلاف :
ظلموك يا داووود .. كدليل على ذلك الكاركتر الذي رأيته في داووود وهو يتسنم منصبا بعد أن كان سائق تاكسي وبعد أن غير شكله ليتناسب وشكل& الفساد في تلك المرحلة المعتمة من مراحل حياتنا .
بل أنني لا زلت أذكر& ذلك الدكتور الذي كان يرسل لنا صور علب الكوكا كولا وهي تصلي عبر الانترنت ويدعونا لمقاطعة شراب الكوكاكولا .. وعندما تحاورت معه وفاجأته بأسئلتي :
كيف تكون دكتورا ولا تجد شيئا تنير عقولنا به غير هذا السخف ؟
إكتشفت انه من خلال الحوار معه لا يملك من الدكتوراه الا إسمها ...&
فكتبت مقالتي الأكثر سخرية في إيلاف ايضا .. تحت عنوان :
الحمار العربي الطائر .
وكان لذلك المقال : طقوسه .. وردوده .. وإثارته .. بل أن صحغيا شهيرا أخبرني أنه كاد ان يكون ضحية لذلك المقال بسبب تفاعله معه .
للفساد .. شجون .. ولكن !
لو سار تسونامي الفساد في المملكة بنفس السرعة .. لغاية نبيله .. كما يعتقد كل الناس :
فإننا : سنكون أمام مملكة متجددة .. ومشرقة .. وليذهب الفاسدون الى الجحيم .. ويكفيهم ماعاشوه من رفاهية حين كانت الناس : تعتقد أن اللصوص .. ملائكة !!