بقدر ما کان تأسيس جهاز الحرس الثوري في إيران ضرورياً من أجل المحافظة على النظام الإيراني وضمان بقائه واستمراره، فإنه لم يکن بأقل ضرورة من ذلك من أجل بسط نفوذ وهيمنة هذا النظام على بلدان المنطقة. والملفت للنظر أن دور الحرس في قمع الشعب الإيراني وردعه عن مواجهة النظام وإسقاطه قد صار متزامناً مع دوره في ضرب أي تحرك أو نشاط في بلدان المنطقة يستهدف نفوذ وهيمنة هذا النظام فيها، ولعل ما جرى في لبنان والعراق خلال الأعوام القليلة الماضية خير دليل على ذلك.

جهاز الحرس الثوري لم يبرز لأنه بمثابة جيش مدجج بمختلف أنواع الأسلحة، يحمي النظام ويدافع عنه بوجه أعدائه، بل برز لکونه جيشاً فريداً من نوعه، فهو متعدد النشاطات والتحرکات، ولا يوجد في العالم کله جيش بهذه البنية والنوعية، لا سيما أنه قد صار معروفاً، وبشکل خاص لبلدان المنطقة، أنه يد النظام المتعرضة والضاربة لأي دولة في المنطقة قد تقف بوجه النظام الإيراني.

تشکيل الأحزاب والميليشيات والتنظيمات والخلايا العاملة في بلدان المنطقة تحت مسميات شتى، کان ولا زال من مهام الحرس الثوري، وهو من يقوم بتدريبها وتسليحها وتوجيهها، ولذلك فإنه وعندما يکون هناك ثمة دور وتحرك لأي من هذه التشکيلات التي أتينا على ذکرها، والتي تسمى بأذرع النظام الإيراني أو وکلائه، فإنها تتلقى الأمر بالضرورة من الحرس الثوري، ومع أن النظام الإيراني يحرص على نفي ذلك باستمرار، لکن لايبدو أبداً أن ما يزعمه ويدعيه هذا النظام يتفق ويتوافق مع ما يجري في الحقيقة والواقع.

إقرأ أيضاً: كيف يمول المجلس آلة الحرب التابعة للنظام الإيراني؟

عدم استتباب الأمن في المنطقة بصورة عامة وفي البلدان الخاضعة للنفوذ الإيراني بصورة خاصة، يعود أساساً لدور ونشاط جهاز الحرس الثوري وما بدر ويبدر عنه، خصوصاً أن تغلغله يزداد يوماً بعد يوم بطرق وأساليب مختلفة، حتى إنه يمکن القول وبکل ثقة إن هذا الجهاز کان ولا زال وسيلة النظام الاساسية لفرض هيمنته على المنطقة، مثلما انه لعب ولا يزال يلعب الدور الأساسي کأکبر جهاز قمعي للنظام بوجه الشعب الإيراني وتطلعاته من أجل الحرية والتغيير، ومن هنا يمکن فهم واستيعاب مطلب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المعارضة الرئيسية في إيران بوجه النظام القائم، بضرورة إدراج جهاز الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب، وحث بلدان المنطقة والعالم على اتخاذ خطوة مماثلة، لأنها تعد خطوة بالغة الأهمية في تحديد وتحجيم النشاطات والتحرکات المريبة للنظام الإيراني.

إقرأ أيضاً: نظام يجلس على برکان

بعد حرب غزة التدميرية وما نجم وتداعى عنها، وبعد الهجوم الأخير الذي شنه النظام الإيراني بأكثر من 300 مسيرة وصاروخ، والذي نفذه الحرس الثوري، فإن الأصوات بدأت تتعالى في البلدان الغربية أکثر من أي وقت مضى بوجوب معاقبة هذا الجهاز وحتى العمل من أجل إدراجه ضمن قائمة الإرهاب، ولکن الذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار هو أن هذه الأصوات ما زالت دون المستوى المطلوب، لا سيما من حيث سعيها لعدم هدم کافة الجسور مع النظام، وهذا هو الخطأ الکبير الذي يجب أن يتلافونه، لأن هذا الجهاز کان ولا زال يمثل أکبر خطر وتهديد للأمن والسلام في المنطقة والعالم، وإدراجه ضمن قائمة الإرهاب مطلب ملح وليس ضرورياً فقط، خصوصاً أنه مارس ويمارس الإرهاب حقا!