في التاسع من شهر نوفمبر المقبل تكون قد مرات 100عام على رحيل الشاعر الكبير غيوم ابولينير)1880-1918). ومؤخرا صدرت &من جديد في كتاب الجيب مجمل الرسائل التي كان قد بعث بها إلى فتاة &تدعى مادلين باجيس كان قد التقى &بها في القطار في الثاني من شهر جانفي 1915 وهو في طريقه &الى الجبهة. &وكانت مادلين باجيس تعيش في مدينة وهران الجزائرية. وفي مطلع سنة 1916 ، قام أبولينير بزيارة حبيبته في وهران، ومعها اتفق على الزواج حال انتهاء الحرب. &لكن موته بسبب جرح في الرأس &في التاسع من شهر نوفمبر 1918 حالت دون ذلك. & والواضح أنها كانت مغرمة بالشعر والشعراء. ومن أول نظرة وقع أبولينير في حبها. ومن جبهة القتال راح يكتب لها الرسالة تلو الأخرى، واصفا لها أوضاعه &النفسية على جبهة القتال، وكاشفا لها &عن آرائه في العديد من القضايا المتصلة بالشعر، وبالأدب، &وبالجمال، وبالحياة &بصفة عامة. كما كان يرسل لها قصائد تعكس حبه لها:

أحتضن ذكراك مثلما أحتضن جسدا حقيقيا

وما &يمكن أن تلمسه يداي من جمالك

وما يمكن ن تلمسه يداي ذات يوم هل سيكون أكثر واقعية؟

إذ من ذا الذي يمكنه أن يمسك بسحر الربيع؟ وما يمكن أن نحصل عليه ألا يكون أقل واقعية وأشد زوالا من الذكرى؟

وتروي &مادلين &أنها كانت قد ركبت القطار في محطة مدينة نيس ، متوجهة &إلى مارسيليا، ومنها بالباخرة &إلى الجزائر &لما صعد الى عربتها جندي، وراح يتحدث إلى سيدة. وفي البداية فكرت في مغادرة العربة لأنها ستحرم من التوحد بنفسها كما كانت تأمل. & إلاّ أنها عدلت عن ذلك &لما سمعت &الشاب يسأل &السيدة &التي ترافقه قائلا: "هل ترغبين في قراءة &قصائد شعرية... إذن اقرئي "أزهار الشر" لبودلير...". ثم ودع الجندي السيدة التي كانت هيفاء، على ملامحها تعب خفيف. & بعدها &انطلق القطار فقفزت إلى ذاكرتها ذكريات طفولتها السعيدة على شاطئ نيس. وها أنها ترى &نفسَها &تلعب على رمال الشاطئ &برفقة اخوتها. وفي لحظة ما شرع الجندي يحدثها عن نيس لتكتشف أنه يعرفها، وأنه عالم بأسرارها وخفاياها أكثر منها. وأعلمته هي أنها تجد &وهران ومدينة الجزائر وعنابة أكثر حيوية وجمالا &من كل &المدن الفرنسية على المتوسط. &بعدها &تحادثا عن الشعر والشعراء &لتجده معجبا مثلها ببودلير، وبفرانسوا فيون، وعن ظهر قلب يحفظ &العديد من قصائدهما. &ولما علمت أنه شاعر، &وأنه يمضي قصائده باسم غيوم أبولينير، كادت تقفز &لتحتضنه وتقبل شفتيه من فرط السعادة بلقائه... &

في رسالته الأولى بتاريخ &16ابريل-نيسان &1915، كتب أبولينير الى مادلين يقول:

مادموازيل،

لم أتمكن من أن أرسل اليك كتاب الشعري، لأن ناشري في الجبهة مثلي، ولأن داره مغلقة. سوف أرسله إليك حالما أتمكن من ذلك. هل تتذكرينني بين نيس ومرسيليا في أول جانفي؟

احترامي وتقديري

أقبل يدك

وفي رسالة &بتاريخ 11 مارس-آذار &1915، كتب لها يقول:

(...) اكتبي لي مطولا أيتها الروح الجميلة. أنا لا أجرؤ على أن أطلب منك صورة، لكن إذا ما كنت تعلمين &كم سأكون سعيدا بها، &فلعل ذلك يجعلك تقررين تجاوز بعض &الاعتبارات(...) ستكون صورتك في الجيب &الداخلي لسترتي، من الجانب الأيسر، أي في نفس الجانب الذي به المسدس &والسيف. وعلى قلب شاعرك، & يمكن لصورتك أن تثرثر مع الأسلحة وتكون لها خير رفيق.

وفي رسالة بتاريخ 14 يوليو-تموز 1915، كتب لها يقول: &

أنت عزيزتي، وأنت &الفتاة العذبة والجنية دائمة الانتباه، لأنك حدست ما يمكن أن يسعدني أكثر، ذاك العطر الذي الذي أنتظره مثلما أنتظر نضارتك نفسها. أنا أغضب بعد أن أصبحت لي وحدي، هذا مستحيل. أبدا لن أغضب. بل بالعكس، أنا أقبل جبهتك، وأيضا قدمك، وأنت كلك كما في رسالتك الجميلة. &من جانبي، أرسل إليك قلما وخاتما(...) . تخيّلي &كم أنا سعيد بعد قراءتي لرسائلك. أود أن أقول لك ذلك وأن أمْطرك بمداعبات ناعمة حدّ أنها تنسيك ذكرى كل شيء في هذا العالم. عزيزتي الساحرة الجميلة، ليس هناك أبدا &ما هو دنيء &في رسائلي. أتمنى لك عيدا سعيدا. وأظن أن رسالتي &ستصل في الوقت المحدد. فإن وصلت قبل ذلك، يكون الأمر أفضل. نعم-حدثيني عن نفسك، هذا ما يهمني بالدرجة الأولى-بل لعله &الموضوع الذي يهمني أكثر من غيره. أنت لي إذن يا عزيزتي،ة وأنا لك أيضا(...).

أنت حدثتني مؤخرا عن كلوديل(يقصد الشاعر بول كلوديل الذي كان معاصرا له). هذا الكاتب &الموهوب هو ما أفضت إليه الرمزية. &هو يمثل بطريقة رجعية وعسيرة العملة النحاسية لرامبو. &هذا الأخير كان القطعة الذهبية أما هو فنحاسها. كلوديل صاحب موهبة &لم يفعل شيئا سوى أشياء سهلة في العظمة والسمو. في عصر لم تعد فيه قواعد أدبية، يكون من السهل أن نفرض مثل هذه الأشياء. وهو لم يمتلك الشجاعة لكي يتجاوز نفسه، خصوصا تجاوز أدب الصور الذي أصبح اليوم سهلا. نحن متعودون على الصور. ولم يعد منها ما يمكن أن يكون غير مقبول، وكل شيء يمكن ان يرمز له بأي شيء. إن الأدب المصنوع من صور متتابعة مثل حبات &المسبحة لا يكون &جيدا إلاّ للمصايين بالسنوبيزم والمفتونين بالصوفية المزيفة(...)

وفي رسالة بتاريخ 15 يوليو-تموز 1915 ، كتب لها يقول:

جنيتي الصغيرة المعبودة، بإمكانك الآن أن &تكتبي لي كما تشائين لأنك أصبحت لي &وأنا أصبحت شاعرك(...) أنا كما أنت تعلمين سلطوي وأريد أن يكون &كل شيء يأتي مني لذة وشهوة حسية بالنسبة إليك. وأريد أن تكوني لي وحدي روحا وجسدا لأنني سيدك، يا عزيزتي، وسيدك على أية حال. أريد إذن أن تكوني لي مطيعة في كل شيء، وأن تنسي كل شيء إلا ما أنا راض عنه. ليست هناك تربية فاضلة،ولا شيء آخر يمكن أن يمنع من أن تكوني أمتي &المطيعة. &وفي المقابل أنا أوفر لك كل ما باستطاعتي أن أوفره لإسعادك. وعليك أنت تتقبليه حتى ولو كان مؤلما. عندئذ سيكون حبنا رائعا. وفي الحقيقة، هذا ما ينسجم مع رغبات الطبيعة، والرجل الأول &الذي تعرف على امرأة، ألم يؤلمها؟(...)

وفي رسالة بتاريخ 9 أكتوبر-تشرين الأول 1915 ، كتب لها يقول:

حبي، أبعث لك بجنح فراشة أمسكت بها اليوم. الفراشات لها أسماء جميلة إلاّ أنني أجهلها. أسماء أسطورية جميلة. فلتبح لك تلوينات هذا الخريف بالتلوينات الأكثر نعومة لحبي &لك.

قرأت اليوم أشياء لدانيزيو )يقصد الكاتب الايطالي غابريال داونزيو &الذي ساند الفاشية في بداياتها). وهو بالتأكيد كاتب متصنّع.

اليوم لا رسائل &من مادلين.

الطقس جميل وبارد.

حبيبتي، أرجو أن تردي دائما على رسائلي، حتى ولو اضطررت الى تكرار السؤال لكي أجيبك. &فكري في أن جوابا على سؤال يتطلب نصف شهر لكي يصلني(...)

أنا أعبدك &يا حبيبتي، وأقبل شفتيك. أقبل أيضا نهديك(... )

وفي رسالة بتاريخ 15-3-1916 كتب لها يقول:

حبيبتي،

لم أنم البارحة.

ليس هناك وصف محتمل. وها أمر لا يتصور. لكن الطقس جميل. &أفكر فيك. &نحن ننام مبكرا تحت النجوم. واليوم صباحا شاهدت سنجابا يتسلق، يتسلق.

أنا متعب ومبتهج في نفس الوقت. فمي مملوء بالتراب. لا أدري إن كنت سأتلقى رسائلك هذا المساء. أتمنى ذلك.

وفي رسالة بتاريخ &18مارس –آذار 1916، كتب لها يقول:

حبيبتي، لقد أصبت أمس بجرح في الرأس &جراء قذيفة ثقبت القبعة ودخلت إلى رأسي. لكن القبعة أنقذت حياتي. &هو يعالجونني بشكل جيد للغاية، وأعتقد أن الجرح ليس خطيرا. سأكتب لك عندما يكون &باستطاعتي أن أفعل ذلك. &